مقالات

أحمد سعد حمد الله يكتب: ما الذي يقلق الإخوان المسلمين من حكم الشرع؟

ثلاثة شهور أو يزيد قليلا، مرت على نجاح جماعة (هيئة تحرير الشام) بقيادة أحمد الشرع، في الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وإسقاط حزب البعث، وإلى الآن لم تعلن جماعة الإخوان المسلمين، عن موقفها الرسمي من الثورة، ومن سيطرة هيئة تحرير الشام على الحكم.

الإخوان المسلمون الذين أقصدهم هنا، هم إخوان مصر، وليس أي جماعة أخرى، حتى وإن كانت تلك الجماعة هي جماعة إخوان سوريا، لا لأن إخوان مصر، يمثلون الجماعة الأم لكل الجماعات الأخرى، ولكن لأن إخوان مصر كانوا قد مروا بتجربة مماثلة، لم يكتب لها النجاح، خلال ثورة 25 يناير 2011، بوصولهم إلى السلطة، وتولي ابنهم الراحل الدكتور محمد مرسي رئاسة الدولة، وهو الذي عنّي بسوريا وبشعبها من أول يوم له في الحكم، وقد أكد ذلك بصيحته المدوية التي أطلقها في خطبته الشهيرة بإستاد القاهرة في يونيو 2013 (لبيك سوريا)، كاشفا بذلك على نيته الواضحة في دعم الثورة السورية، وعمله على إنقاذ الشعب من عمليات الإبادة التي كان يمارسها ضده نظام المخلوع بشار الأسد، والدعوة للجهاد من أجلها، ومن ثم كان ضروريا معرفة رأي الإخوان الآن، بعد أن تحققت أمنية مرسي بنجاح الثورة السورية، وسقوط نظام الطاغية، هذا مع العلم بأن جماعة إخوان سوريا نفسها لم تكن واضحة إلى الآن في موقفها من دعمها ومساندتها للشرع وجماعته، حيث اكتفى تنظيم سوريا بإصدار بيان، قدم فيه التهنئة للشعب السوري على سقوط نظام بشار، ونجاح ثورتهم، والمباركة لأحمد الشرع بإعلانه رئيسا للجمهورية، مع الدعاء بأن يهيئ له الله البطانة الصالحة، دون الإعلان صراحة أو تلميحا عن استعداده لدعمه أو الرغبة في التعاون معه.

لذلك كان من الضروري معرفة موقف الجماعة الأم، حيث إن موقفها يجُّبٌ موقف أي جماعة أخرى، كما أنه سيحدد اتجاه البوصلة الذي ستسير عليه كل جماعات الإخوان بشتى البلاد!

الفرق بين منهج الشرع ومنهج الإخوان

أرجوك عزيزي الإخواني، لا تقل لي إن إخوان مصر في السجون الآن، أو واراهم الثرى، فأنا أعي جيدا أن كبار قيادات التنظيم وعلى رأسهم فضيلة المرشد العام الدكتور محمد بديع (فك الله أسره) يقبعون الآن خلف القضبان، لكن لا تنسى عزيزي أن هناك العديد من القيادات الطلقاء، الذين يتحدثون باسم التنظيم، ويصدرون عنه البيانات الرسمية، بل إن الجماعة الآن أصبح لها بدل التنظيم تنظيمان، وبدل المرشد مرشدان، وقد رأينا لكلا المرشدين الكثير من البيانات، التي تعلن موقف جماعة الإخوان من بعض الأحداث الجارية، مثل القضية الفلسطينية، وحروب غزة، وخلافه، بينما لم نجدهما اقتربا من الثورة السورية، أو أحمد الشرع، ولو بشطر كلمة.

كما أرجوك عزيزي الإخواني ألا تسيء فهم مقصدي، بالاعتقاد أني أعني بذلك التلميح بأن تنظيم الإخوان ضد الثورة السورية، أو أنه رافض للشرعية الجديدة التي جاءت بها الثورة، أبدا، فأنا على يقين من أن كثيرا من أبناء الجماعة سعداء بالثورة السورية، ويتمنون لها النجاح والتوفيق والاكتمال.

بيد أن مقصدي هنا، هو الإشارة لما أراه يحيك بصدور الكثير من أبناء الجماعة، تجاه فكر ومنهجية أحمد الشرع ومن حوله، لا سيما فيما يتعلق باستخدام السلاح كوسيلة للقيام بثورة، خصوصا وأن المنهج الثوري الإخواني، قائم على السلمية، والعفو عند المقدرة، والجهاد بالكلمة والموعظة الحسنة، مهما كلف ذلك من دماء، ومهما احتاج من زمن، وبالتالي فدعمهم الصريح للشرع، والاصطفاف معه، أو الوقوف خلفه، سيعني مباشرة، اعترافهم بمنهجيته، في استخدام السلاح كوسيلة للتغيير، ثم الإقرار الضمني بخطأ منهجيتهم، فضلا عن أنه سيضع الجماعة، في مقارنة مع جماعة الشرع، وهذا ما تكرهه الجماعة، لأن المقارنة هنا ستنكأ جراحا، يظن البعض أنها اندملت.

ولكن ما هي هذه المقارنات، ولماذا تخشاها جماعة الإخوان، هذا ما نجيب عليه في هذين المثاليين التاليين.

1 – الفرق بين الشرع ومرسي

وصل أحمد الشرع إلى حكم سوريا عن طريق ثورة، كما كان محمد مرسي قد وصل لحكم مصر بالثورة، وكلاهما ذو خلفية إسلامية، وحتى وإن اختلف التطبيق، فالمؤكد أن ما كان يهم ويشغل بال الرئيس مرسي من أجل صالح الأمة العربية والإسلامية، هو نفسه الذي يهم الشرع ويشغل باله أيضا، إلا أن الشرع عندما وصل إلى الحكم، لم يقل مثل ما قاله مرسي لأهل غزة (لن نترك غزة وحدها) كما لم يقل لبيك لأي دولة عربية تتطلع للتخلص من نظامها الديكتاتوري، مثلما قال مرسي (لبيك سوريا) وهو ما جلب لمرسي المشاكل والأزمات من الدول الداعمة لنظام بشار.

السؤال هنا: على من يقع الخطأ، مرسي أم الشرع؟ وهل يجوز أن نصف موقف الشرع بالتخاذل تجاه الأمة، على اعتبار أن موقف مرسي كان وطنيا، أم نرى موقف الشرع دهاءً سياسيا وحنكة يجب أن تتوفر في صاحب منصب كهذا، ومن ثم يكون تصرف مرسي فيه سذاجة سياسية؟

2 – فكر الشرع وفكر الإخوان

إذا كٌتب النجاح للثورة السورية بإذن الله، وهي كما نعلم ثورة مسلحة، فمن المؤكد أن هذا النجاح، سيضع تنظيم الإخوان المسلمين في حرج شديد، باعتبار أن المنهج السياسي للإخوان، الساعي للتغيير والهادف للوصول للسلطة، يقوم على السلمية المجردة، الرافضة لاستخدام السلاح بكل أنواعه حتى وإن كان مجرد إلقاء حجر على المعتدي، وعليه فإن الإخوان أصبحوا الآن بين خيارين أحلاهما مر، إما أن يغيروا منهجهم، بالإقلاع عن مبدأ السلمية واللجوء للعمل المسلح، إذا ما أردوا الوصول للسلطة مرة ثانية، أو اعتزال السياسة، والتفرغ للأدوار الإنسانية والاجتماعية والتربوية التي يجيدون العمل فيها، وذلك بعد أن ثبت بالتجربة أن خلع الأنظمة العسكرية، يحتاج لوسائل وأدوات، استخدامها يتعارض مع مبادئ وثوابت التنظيم الراسخة منذ عقود طويلة!

أحمد سعد حمد الله

كاتب صحفي مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights