مقالات

أحمد سعد فتال يكتب: إدلب.. الدماء تسيل والفصائل في تخاذل

في استمرار لمسلسل استهداف المناطق المحررة وإزهاق أرواح الأبرياء، ارتقى اليوم الاثنين 4 شهداء وأصيب آخرون، باستهداف ميليشيات النظام السوري بالصواريخ مدينة دارة عزة غربي حلب.

هذا القصف جاء بعد يومين من استهداف مدفعي لميليشيات النظام على وسط مدينة إدلب، ما أدى لارتقاء 4 مدنيين بينهم طفل، وإصابة 15 آخرين بينهم 4 أطفال بجروح بعضها بليغة، وفق الدفاع المدني السوري.

وقد بلغ عدد الشهداء منذ بداية العام 2023 وحتى 24 من كانون الأول 160 شخصاً، بينهم 46 طفلاً، بعد أكثر من 1276 هجوماً من روسيا وقوات النظام والميليشيات الموالية لهم، بحسب إحصائية للدفاع المدني.

لا يجوز عند رؤية مشاهد الدماء، وقراءة أعداد الشهداء أن نكتفي بصب جام غضبنا على روسيا والنظام والميليشيات الإيرانية، ونرفع عقيرتنا بشتم الولايات المتحدة التي تمسك بزمام الملف السوري وسمحت لهذه الأطراف جميعها بالولوغ بدماء المسلمين في الشام في سبيل تثبيت وحماية نظام الأسد، لا يجوز أن نكتفي بذلك، بل يجب أن نتوجّه بالتقريع والمحاسبة للفصائل العسكرية في الشمال السوري التي تشكّلت بُعيد اندلاع الثورة من أجل الدفاع عن المدنيين وإسقاط النظام، وإذ بها -بعد سنوات- تصبح ملتزمة بالخطوط الحمراء الدولية وقواعد الاشتباك التي رسمتها الولايات المتحدة برعاية روسيا ودول الإقليم.

لقد تعذّرت الفصائل بحقن دماء الناس وإعطائهم فترة من الراحة وجلب نوع من الاستقرار إلى شمال غربي سوريا، حينما وافقت على اتفاقية وقف إطلاق النار في إدلب في مارس عام 2020، لكن ما نراه يومياً منذ ذلك الحين أن أياً من الذرائع التي ساقوها لتبرير موقفهم لم يحصل، فلم يتوقف نزيف الدماء بل تباطأ فقط، ولم يتحقق استقرار مع مواصلة القصف على المنطقة، وإحاطة عصابات الأسد وأعوانها بإدلب إحاطة السوار بالمعصم.

إذن، كيف يمكن تفسير التزام الفصائل بوقف إطلاق النار، وإيقاف القتال بعد كل ذلك؟ إن التفسير الوحيد هو أن تلك الفصائل قد فقدت إرادتها وأذعنت للسياسة الدولية المعادية للثورة، مقابل فتات من مال أو نفوذ أو حماية، وهذا الأمر يوجب على الثوار المخلصين وحاضنة الثورة ألا يقبلوا بهذه الأوضاع، وأن ينتفضوا لدفع الفصائل لكسر اتفاقيات الذل والخضوع، وإشعال شرارة القتال مجدداً، أما إن لم تقبل الفصائل بذلك فيجب على الأهالي أن يبعدوها جانباً، ويسيطروا على الساحة، ويوجّهوا أبناءهم في الفصائل للقيام بالعمل الصحيح.

إن استمرار السكوت يعني استمرار حمام الدم، وإن التعامل مع الأوضاع بعقلية «لعل الأمور تتحسن» و«ربما يكون القادم أفضل» دون القيام بأي تحرك، لا يؤدي إلا إلى المزيد من السوء في شمال غربي سوريا، قتلاً وإفقاراً وتجويعاً، وإن الثورات ليس من طبيعتها مهادنة عدوها والإبطاء عن قتاله أو الدخول معه في حلول تسوية برعاية المجتمع الدولي كما يحصل الآن، بل هي سيف قاطع ومفاصلة تامة وتغيير جذري لا مساومة فيه ولا أنصاف حلول.

هذا قانون الثورات، فإن لم يلتزم به القائمون على الثورة في سوريا، فلا حل إلا في استبدالهم وتصحيح المسار.

أحمد سعد/ ناشط سياسي.

منتدى قضايا الثورة

أحمد سعد فتال

ناشط سياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights