الجمعة سبتمبر 13, 2024
مقالات

أحمد سعد يكتب: محمد صلاح «محاط بالحمقى».. من يقصد؟!

أشهر نجم الكرة المصري محمد صلاح المحترف بنادي ليفربول الإنجليزي سلاحه في وجه الذين انتقدوه على تصرفه (المتحضر من وجهة نظره) بترك زوجته يحضنها ويقبلها أمامه رجل أجنبي هو مدربه الألماني يورغن كلوب، فيما كان هو مشغول بحضن وتقبيل زوجة هذا المدرب، والسلاح الذي أشهره لم يكن بذكر آية في القرآن أو حديث نبوي ليبرر التصرف، ويدحض الافتراءات، وإنما السلاح كان هو نشر صورة لغلاف كتاب «محاط بالحمقى» للمؤلف السويدي توماس إريكسون، وهو وإن كان موضوع ومحتوى هذا الكتاب لا يمتان بصلة لصلب القضية، إلا أن الرسالة التي أراد إيصالها من خلال نشر صورة الغلاف، هو التلقيح على المنتقدين، ووصفهم بالحمقى، أي الأغبياء الذين لا يفهمون متغيرات الزمان والمكان، ويقبلون تصرفا كهذا يُفترض أنه مٌحرم دينيا ومستنكر أخلاقيا، على أنه سلوك حضاري متمدن، حتى وإن كان هذا السلوك متعلق بامرأة مسلمة ترتدي الحجاب، وزوجها أسمه محمد، ليس هذا فقط بل إن المرأة المحجبة هذه، تحتضن رجلا أجنبيا لا يزال في مرحلة عمرية متوسطة غير بعيدة عن الشباب (56 سنة)، فضلا عن أن الزوج لم يبد أي انزعاج من التصرف، وكأن الفعل ليس جديدا عليه، وأصبح اعتياديا على النحو الذي رأيناه عليه، حيث لم تبد على الكابتن مظاهر الغيرة التي يجب أن يتحلى بها كل الرجل المسلم الحر الغيور على عرضه ونسائه، وكأن العيشة في الغرب أفسدت عقله وانكست قلبه، فأصبح ينطبق القول (ما من أمرئ لا يغار فهو منكوس القلب) فيما نسي صلاح أو تناسى أن الذين يصفهم بالجهل والحماقة وعديمي «المنتيليتي» هم الذين رفعوه إلى عنان السماء وكانوا سببا في شهرته وثرائه، وهم من جعلوه رمزا وشرفا للأمة العربية بإثرها، عندما لقبوه بـ«فخر العرب» وهو لقب لم ينله فاتح مصر عمرو بن العاص!!

وإذا كان محمد صلاح ابن قرية نجريج يرى في احتضان أجنبي لزوجته واحتضانه هو لأجنبية أمرا عاديا ولا يرفضه إلا الحمقى على حد وصفه، وأنه تصرف يواكب العصر وتقدمه، فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل لو كان صلاح يلعب الآن لمركز شباب نجريج وليس ليفربول، هل كان سيسمح لمدرب نجريج أن يحتضن زوجته، وهل سيسمح له مدرب نجريج باحتضان زوجته؟!! قطعا لا..

وأظن أن صلاح سيكون واهما إذا ما تصور أن مثل هذه السلوكيات التي يحرّمها الدين الإسلامي وتنكرها أعرافنا وتقاليدنا، مباحة ومقبولة على إطلاقها عند الغرب، فهذا اعتقاد خاطئ ليس عند صلاح فقط وإنما عند عموم الناس، لأن الأسر المحافظة والملتزمة دينيا في الغرب تفعل ما نفعله نحن في الشرق وتتمسك بما نتمسك به مع نسائنا من غيرة عليهن وحماية لهن، وهناك مثل ألماني شهير يوضح مدى تشدد الأسر الغربية الأصيلة في الحفاظ على بناتهن، يقول «يجب أن تُحفظ البنت بين أربعة أناجيل أو أربعة جدران» ولو أن صلاح وقف مع نفسه وقفة عميقة لعرف أن تصرفه هذا لا يمت للتحرر أو التقدم بصلة حتى وإن كان في قلب أوروبا المتحضرة، وإلا فعليه أن يراجع زيارته إلى قصر بكنغهام في أكتوبر 2021 ولقائه بالأمير ويليام «دوق كامبريدج» وزوجته الأميرة كاثرين، فهل سمح له الأمير وقتها باحتضان زوجته وتقبيلها كما سمح هو لزوجته باحتضان وتقبيل يورغن كلوب؟

الإجابة لا، لا لأن الأمير ويليام أكثر التزاما وتدينا من صلاح، وإنما لأن السلوكيات والتصرفات التي يراها صلاح وأمثاله  على أنها تقدمية، إنما هي سلوكيات مستهجنة ومرفوضة من الأسر المحافظة والمحترمة حتى وإن كانت بالغرب، وهي سلوكيات لا يسمح بها أو يقبلها إلا المتسكعون والصعاليك، ممن ليس لهم أصول أو خلفيات دينية وأخلاقية يعملون حسابها، ولا يجب أبدا أن نقيس السلوكيات والتصرفات التي يجب أن تصدر عنا، وفقا لما يفعله الصعاليك والمتسكعون الغربيون، حتى وإن كانت هذه النماذج هي الأكثر انتشارا وظهورا في وسائل الإعلام، فمعلوم أن معظم الإعلام الحالي في الشرق والغرب لا يسلط الضوء إلا على مثل هذه العينة من البشر، ويقدمها للناس على أنها القدوة التي يجب تقليدها والاقتداء بها، ولعلنا رأينا كيف أن إعلامنا المعاصر قدم لنا الراقصة على أنها الأم المثالية، كما يقدم حاليا لنا البلطجي وقاطع الطريق على أنه صفوة المجتمع.. أما الشرفاء والمحترمون والملتزمون والغيورون على أعراضهم، فليس لهم مكان بهذا الإعلام، وربما يكون هؤلاء هم الحمقى الذين يقصدهم محمد صلاح، فخر العرب ونجريج!!

Please follow and like us:
أحمد سعد حمد الله
كاتب صحفي مصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب