الأمة الثقافية

“الحبيسان”.. شعر: رأفت عبيد أبو سلمى

قَـطَعَ الـسُّكونَ الـهِرُّ فـي زنـزانتي

والـنومُ فـي لـيلِ الأسَـى جافاني

أحـيـا بُـكـاهُ الـمُـرُّ كــلَّ مـواجـعي 

وصَـدَاهُ هَـزَّ الـصَّخرَ في الجدرانِ

نــاديـتُـهُ يــــا هِـــرُّ إنـــكَ قـاتـلـي

بـأنـين صـوتِـكَ إذ يُـذيبُ جَـناني

فـارحـمْ أســايَ فـمـا أنـا إلا الـذي  

شــاكٍ مــرارة مَـحْبسي وهـواني

فـأجـابَ بـالـنظراتِ ثــمَّ بـصرخةٍ    

هـــزَّتْ فـــؤادَ الـشـاعـرِ الإنـسـانِ

إنــي حُـبِـسْتُ ومــا هـنـالكَ عِـلَّـةٌ 

حــتـى أكــابـدَ وَحْـشـةَ الـقـضبانِ

إنــي حُـبِـسْتُ ولــمْ أكــنْ مـتمرِّداً  

لـم أعْـصِ يـوماً حَـضْرَةَ السُّلطانِ

نـاديـتُـهُ كـفـكِـفْْ دمــوعُـك إنــهـا  

سـاعـاتُ حـبْسِك َ تـنتهي وثـوانِ

عــنـدي طــعـامٌ لــو أرَدتَ مـثـولَهُ  

قُـدُمـاً يُـساقُ إلـيك فـي اطـمئنانِ

وكــذا الـشـرابُ لــديَّ أهـنأ شـرْبةٍ  

 تُــسْــدَى بــــلا مَـــنٍّ ولا شُــكْـرَانِ

عـندي لـمِثلكَ مـا تـحِبُّ وتشتهي  

إذ أنـــتَ عـنـدي أكــرَمُ الـضِّـيفانِ

فــأجـابـنـي أنْ لا بِـــهَــزَّةِ رأسِــــهِ  

حُـرّيـتـي هـــي مُـنْـيَتي وأمـانـي

لـستُ الـمُدَانَ فـمَنْ يُـبرٍّأُ سـاحتي

ومَن الذي يُنْجيني مِن سجّاني ؟!

فـأجـبْـتُهُ يـــا هِـــرُّ دونـــكَ لـيـلـةٌ 

تـمضي ، وعـنك يُـفكُّ قَيْدُ العاني

أمَّــــا أنــــا فاللهُ يــعـلـمُ وَحْــــدَهُ  

كـمْ فـي سـجونِ الظالمينَ أعاني

أنـا هـاهنا كـم ذا يـكدِّرُني الأسـى

أنـماعُ فـي وجَـعي وفـي أحـزاني

ولـقد أتـى بـي الـحَقُّ فـي عـليائِهِ 

 لـلـسِّجْنِ فــي خَـلَـواتِهِ ، وكـفاني

لــيـلٌ يــمُـرُّ عــلـىَّ ، فــي أكـنـافِهِ

 أمَـــلٌ يُـبـشِّـرُ بـالـصـباحِ الــدَّانـي

أمَــلٌ تـشـرَّبَهُ الـفـؤادُ فـمـا سَــرَى  

إلا شُــعَــاعــاً ضـــخَّــهُ إيــمــانـي

يـوماً أرى وَجْـهَ الـشوارعِ ضاحكاً 

أحـيا طـليقَ الـرُّوحِ في اطمئنان

يــا هِــرُّ إنْ بــزَغَ الـصَّـباحُ بـنـورِهِ  

وغـدوتَ حُـرّاً رَغْـمَ أنـفِ الـجاني

بــلِّــغْ ســلامــي لـلـحـياةِ ولـلـدُّنـا 

ولـكـلِّ شِـبْـرٍ فــي ثــرى الأوطـانِ

واشْـهَدْ بـأني في الغرامِ بسِحْرها  

حــتـى تُـــوَارِايَ جُـثَّـتي أكـفـاني

وأرى لـدِّيـنِ الـحـقِّ ألـويـةَ الـهُدَى  

فــوقَ الـسَّـحابِ بـنـورِها الـرَّبَّاني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى