الأمة الثقافية

رواية في كُبّاية: (طبل الصفيح) للكاتب الألماني غونتر غراس

الرواية: (طبل الصفيح) (The Tin Drum)

المؤلف: الكاتب الألماني غونتر غراس (Günter Grass)،

تاريخ النشر: 1959م

وهي من أعظم روايات القرن العشرين وأكثرها إثارة للجدل.

 اللغة الأصلية: الألمانية

الجوائز: نال غونتر غراس جائزة نوبل في الأدب عام 1999م، والرواية هي عمله الأشهر.

الموجز

تحكي الرواية قصة أوسكار ماتسيراث، الطفل الذي يقرر التوقف عن النمو جسديًا عند سن الثالثة، احتجاجًا على عالم الكبار المليء بالنفاق والحرب. يحتفظ بطبل صفيح صغير ويستخدمه كأداة للرفض والتعبير. يعيش أوسكار في دانزيغ (مدينة ألمانية/بولندية آنذاك) خلال النصف الأول من القرن العشرين،ويكون شاهدًا (وأحيانًا ساخرًا ومتواطئًا) على صعود النازية، الحرب العالمية الثانية، وسقوط ألمانيا.

التحليل الأدبي والفكري

  1. الرمز والدلالة:

طبل الصفيح: هو الرمز المركزي في الرواية.

يمثل صوت الاحتجاج، ورفض الانخراط في عالم الكبار الذي يراه أوسكار ملوثًا ومخادعًا.

يرافقه طوال حياته، كأنّه وسيلته الوحيدة للتأثير أو للتعبير عن ذاته.

توقف أوسكار عن النمو:

قرار رمزي يعكس الانفصال عن مجتمع فاسد أخلاقيًا وسياسيًا. الطفولة هنا ليست براءة، وانما موقف واعٍ من النفاق الاجتماعي.

الصراخ القادر على كسر الزجاج:

قدرة أوسكار الفريدة تشير إلى رفضه للنظام القائم، ولها دلالة سحرية تكسر الواقع وتعريه.

  1. الواقعية السحرية الأوروبية:

يستخدم غراس تقنيات الواقع السحري بأسلوب أوروبي مختلف عن ماركيز، لكنه يحمل ذات السخرية والتمرد.

يخلط الواقعي بالغرائبي بطريقة تعرّي تناقضات المجتمع، وتظهر الرعب والعبث في الحياة اليومية.

  1. نقد النازية والمجتمع الألماني:

تفضح الرواية الدور الذي لعبه الناس العاديون في صعود النازيةفالجميع متورط، إما بالصمت أو بالتصفيق أو بالمشاركة.

أوسكار نفسه متردد بين الضحية والمذنب. لا أحد بريء تمامًا.

هذا ما يجعل الرواية مرآة أخلاقية لألمانيا ما بعد الحرب.

  1. أسلوب السرد:

تُروى الرواية من وجهة نظر أوسكار وهو في مصحة عقلية، مما يضفي طابعًا غير موثوق على الراوي.

الأسلوب الساخر والعبثي يكشف بذكاء زيف القيم البرجوازية والتقاليد الاجتماعية.

  1. الهوية والانتماء:

تناقش الرواية أزمة الهوية الألمانية والبولندية، خاصة في مدينة دانزيغ، التي كانت رمزًا لصراع القوميات. شخصية أوسكار نفسها بلا انتماء واضح، ما يعكس التمزق الثقافي والسياسي في أوروبا وقتها.

من أبرز الثيمات التي تتكرر في رواية طبل الصفيح ثيمة البراءة والذنب، حيث يجسّد أوسكار نموذج الطفل الذي يرفض النضج ليحافظ على براءته، لكنه في نهاية المطاف يتورط في أخطاء وجرائم،كما يتورط المجتمع من حوله، مما يطرح تساؤلات عميقة حول مفهوم الذنب الجماعي.

كذلك،تطرح الرواية ثيمة الجنون والعقل، إذ تتخذ من بطلها راوياً غير موثوق يُروِي الأحداث من داخل مصحّ عقلي، ليبقى القارئ متردداً: من هو المجنون حقًا؟ أوسكار، أم العالم الخارجي؟ كما تحضر ثيمة الحرب والعنف بقوة، إذ تظهر عبثية الحرب وتأثيرها المدمر على البشر، خاصة في المجتمعات التي تسير نحو الخراب دون مقاومة.

وتبرز أيضًا ثيمة الجسد والسلطة، حيث يتحول جسد أوسكار – الذي توقف عن النمو – إلى فعل احتجاج ضد السلطة، سواء سلطة العائلة أو المجتمع أو الدولة، في دلالة رمزية على أن حتى الجسد يمكن أن يصبح ساحة مقاومة. أخيرًا، تعالج الرواية بعمق ثيمة الهوية والتمزق القومي، خصوصًا في مدينة دانزيغ التي عانت من صراع ألماني–بولندي طويل، لتصبح خلفية مثالية لرواية عن الانتماء الضائع والهوية المتصدعة.

أهمية الرواية في الأدب العالمي

فتحت الباب أمام الرواية الألمانية لمعالجة ماضيها النازي بصدق وجرأة.

تمثل واحدة من أبرز نماذج “الراوي غير الموثوق به”.

تعكس فلسفة ما بعد الحرب الأوروبية: القلق، الشك، والتمرد على المعنى.

 تحولت إلى فيلم شهير فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان 1979.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى