
– في صباح يوم الأربعاء، الثامن من أبريل عام 1970م، وفي تمام الساعة 9:20 صباحا، جاءت 5 طائرات فانتوم أمريكية (على الطيران المنخفض)، إلى المدرسة الابتدائية الوحيدة بقرية بحر البقر، بمحافظة الشرقية المصرية، وقامت بقصف المدرسة بشكل مباشر بواسطة 5 قنابل (تزن 1000 رطل) وصاروخين، وأدي هذا لتدمير المبنى بالكامل.. واختلطت جثث القتلى بالجرحى، وتلطّخت كراسات الصغار بالدماء.. واستشهد 30 طفلًا، وأصيب 36 آخرون..
– كانت المدرسة تتكون من دور واحد، وعدد تلاميذها 130 طفلا.. أعمارهم تتراوح من 6 أعوام إلى 12 عامًا، ومن حُسن الحظ أن هذا اليوم كان عدد الحضور 86 تلميذًا فقط..
– قطعت الإذاعة المصرية بثها لتذيع هذا البيان العاجل:
(أيها الأخوة المواطنون، جاءنا البيان التالي.. أقدم العدو في تمام الساعة التاسعة و20 دقيقة من صباح اليوم، علي جريمة جديدة تفوق حد التصوّر، عندما أغار بطائراته الفانتوم الأمريكية على مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة بمحافظة الشرقية، وسقط الأطفال بين سن السادسة والثانية عشر تحت جحيمٍ من النيران)
عندما نددت مصر بالحادث المروّع ووصفته بأنه عمل وحشي يتنافى تمامًا مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية، فما كان من وزارة الخارجية الأمريكية إلا أنها وصفت الهجوم الإسرائيلي على مدرسة “بحر البقر” بـ”الأنباء المفزعة” واستخدمت حق “الفيتو” 83 مرة، منها 44 مرة لحماية إسرائيل من قرارات إدانة دولية، وذلك بالرغم من بشاعة جرائمها التي شهد بها العالم كله.
شجع هذا الموقف الأمريكي المتراخي، إسرائيل للتبجح والاعتراف بالمجزرة، على لسان وزير دفاعها موشي ديان، والذي ادّعى فيه أن المدرسة التي ضربتها الطائرات الإسرائيلية “هدف حربي”، وأضاف: “تلاميذ المدرسة الابتدائية كانوا يرتدون الزي الكاكي اللون، وكانوا يتلقون التدريب العسكري”.
ولكن أمام حالة الغضب والاستنكار من الرأى العام الدولي والعالمي؛ اضطرت الولايات المتحدة ورئيسها نيكسون على تأجيل صفقة إمداد إسرائيل بطائرات حديثة، كما أدى الحادث إلى تخفيف الغارات الإسرائيلية علي المواقع المصرية
تم جمع بعض متعلقات الأطفال وما تبقّى من ملفات، فضلاً عن بقايا لأجزاء من القنابل التي قصفت المدرسة، وتم وضعها جميعاً في متحف عبارة عن حُجرة أو فصل من إجمالي 17 فصلا تضمها جدران مدرسة “بحر البقر الابتدائية” تعلو حُجرة المتحف عبارة مكتوبة بخط اليد “متحف شهداء بحر البقر”.
ثم تم نقل هذا الآثار إلى متحف الشرقية القومي بقرية هرية رزنة بالزقازيق الذي افتتح عام 1973م.
- وقد هزت هذه الجريمة الشاعر صلاح جاهين، فكتب أغنية للمطربة شادية..
تُصوّرُ الأغنية “مُعلِّمة” من مدرسة بحر البقر تقف أمام الصغار وتقول:
زرعَ .. يردّ الصغار : زرعَ
حَصَدَ .. يرد الصغار: حصدَ.
ثم تصرخ شادية وتقول:
قَتَلَ..
قَتَلَ..
ذَبَحَ..
ذَبَحَ..
وأُذيعَت هذه الأغنية مرة واحة فقط من التليفزيون المصري، وكان لها تأثير رهيب على عواطف الشعب المصري.. مما دفع الحكومة إلى حظر إذاعة هذه الأغنية طيلة عقود:
الدرس انتهى لِمُّوا الكراريس/
بالدمّ اللي على ورقهم سـال/
في قصـر الأمم المتــحدة/
مسـابقة لرسـوم الأطـفال/
إيه رأيك في البقع الحمـرا/
يا ضمير العالم يا عزيزي/
دي لطفـلة مصرية وسمرا/
كانت من أشـطر تلاميذي/
هكذا استهل الشاعر صلاح جاهين رائعته الشهيرة، مسجلًا شهادته عن مجزرة بحر البقر، التي نفّذتها إسرائيل بطائرات الفانتوم الأمريكية، بمحافظة الشرقية، مركز الحسينية، مصر.
