مقالات

السيد هاني يكتب: أسئلة بريئة.. ومشروعة

إسرائيل تشكل هيئة للتحقيق في هجوم ٧ أكتوبر.. لماذا لا يفعل الفلسطينيون مثلها؟

هل كان ٧ أكتوبر قرارا فرديا.. لم يعلم به المكتب السياسي لحماس؟

لماذا لا ينشط العرب لطرد إسرائيل من الأمم المتحدة؟

هل يستطيع العرب الرد على تهديدات ترامب بتحويل منطقتهم إلى جحيم؟

إذا كانت إسرائيل قررت تشكيل هيئة تحقيق مستقلة في أحداث السابع من أكتوبر ٢٠٢٣..

لماذا لا يشكل الفلسطينيون أيضا هيئة تحقيق مستقلة في هذه الأحداث؟

هل الخسائر التي لحقت بإسرائيل في ذلك اليوم؛ أكبر من التي لحقت بالفلسطينيين بسببه؟

لماذا هم يجرون التحقيقات.. لتحديد المسئولية وتعلم الدروس.. ونحن نغض الطرف.. ولا نتعلم الدروس..

أليس فيما جرى بغزة دروسا.. تستحق منا أن نتوقف أمامها ونتعلم منها..

وإذا كانت الأمور تقاس بالنتائج.. إذن لابد أن نقرأ الأرقام:

عندما وقع الهجوم الفلسطيني على إسرائيل في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣.. كان عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية حوالي ١٠ آلاف أسير تقريبا.. وكان الهدف المعلن من الهجوم هو إرغام إسرائيل على الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين مقابل الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الذين تم احتجازهم في هجوم ٧ أكتوبر..

* الأرقام تقول إن خسائر الفلسطينيين في غزة منذ بدأ العدوان الإسرائيلي عليها مساء السابع من أكتوبر ٢٠٢٣.. بلغت الآن حوالي ٢٠٠ ألفا.. ما بين شهداء.. وجرحى.. ومفقودين تحت ركام المنازل والمنشآت التي قصفتها إسرائيل!

* هذا الرقم يساوى ٢٠ ضعفا عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية الذين كان يراد الإفراج عنهم..

* يعنى ذهبنا إلى ٧ أكتوبر للإفراج عن ١٠ آلاف.. فخسرنا ٢٠٠ ألفا.. ألا يستحق ذلك من حماس تشكيل هيئة تحقيق رسمية.. على غرار الهيئة التي ستشكلها إسرائيل!

* ومتى سنحترم عقول الناس.. ونتوقف عن استخدام كلمة “الصمود الأسطوري” في وصف حالة الفلسطينيين في غزة.. الذين يتعرضون للإبادة الجماعية.. والمذابح المتواصلة.. التي لم يشهد العالم مثيلا لها من قبل!

* أين هو الصمود الأسطوري؟

* ومتى نتوقف عن قول إن الحرب الإسرائيلية على غزة فشلت في تحقيق أهدافها.. لأن الرهائن الإسرائيليين لم يفرج عنهم.. والحرب لم تقض على حماس!

* هل بقاء قادة حماس على قيد الحياة في فنادق الدوحة.. يعنى خسارة إسرائيل الحرب؟ هل هذا هو المعيار الذي نقيس به نتيجة الحرب.. وليس استشهاد وجرح قرابة ٢٠٠ ألف فلسطيني.. وتدمير القطاع بالكامل.. وتحويله إلى منطقة لا تصلح للحياة.. فضلا عن معاناة أكثر من مليوني من سكان القطاع بسبب النزوح المتواصل.. والجوع.. ونقص مياه الشرب.. وكل ضرورات الحياة..

* لماذا لا نحترم عقول الناس.. ونقول إن نتنياهو يستطيع الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين.. في الوقت الذي يحدده هو.. لكنه لا يرغب في ذلك لأن الإفراج عنهم.. سيقوده إلى المحاكمة والسجن بتهم الفساد والرشوة!

* نريد تشكيل هيئة تحقيق في عملية السابع من أكتوبر ٢٠٢٣.. لنعرف: هل تمت بقرار فردى من السنوار.. أم أن المكتب السياسي لحركة حماس كان على علم بها؟

* هل تمت دراسة النتائج التي يمكن أن تترتب عليها.. أم أنها تمت بدون دراسة؟

* من الذي خطط.. ومن الذي قرر.. ومن الذي استفاد منها..

* لا شك أن بنيامين نتنياهو هو المستفيد الوحيد من عملية ٧ أكتوبر.. لأنها أنقذت مستقبله السياسي.. لذلك من حقنا أن نسأل: هل شارك نتنياهو في التخطيط لها مع بعض الأخوة الفلسطينيين؟

 * * *

أعرف أن الأسئلة التي طرحتها عالية.. ستغضب البعض منى.. خاصة هؤلاء الذين يعتبرون السنوار “جيفارا القرن ٢١”.. أقول لهؤلاء إن جثث الأطفال الرضع.. والأمهات.. وكل الشهداء الذين سقطوا.. والذين ماتوا من البرد والجوع.. لا شك أنهم يستحقون منا.. على الأقل.. أن نطرح الأسئلة.. ليس لتوقيع العقاب على أحد.. وإنما لكشف الحقائق.. لنعرف من تاجر بدماء الأطفال.. ومقابل ماذا؟

* يجب أن نتوقف عن قول إن ٧ أكتوبر أعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي.. لأن الذي أعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة اهتمام العالم هي دماء الأطفال والنساء وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الإسرائيليون كل يوم ضد المدنيين الأبرياء في غزة..

 * * *

هذه الجرائم التي شهدت بها محكمة العدل الدولية.. ومحكمة الجنايات الدولية.. تضع الدول العربية والإسلامية أمام فرصة تاريخية.. للتحرك في الأمم المتحدة لطرد إسرائيل من الجمعية العامة للأمم المتحدة..

فإسرائيل ليست دولة.. إنما هي مجرد كيان مصطنع.. زرعته على أرض فلسطين التاريخية العصابات الصهيونية (أرجون؛ وشتيرن؛ والهجاناة) التي قدمت من أوربا إلى أرض فلسطين..

لابد أن نؤكد للعالم أن إسرائيل التي ضربت بكل قرارات الأمم المتحدة عرض الحائط.. لا تستحق أن تكون عضوا بالأمم المتحدة!

 * * *

الدول العربية والإسلامية بحاجة أيضا إلى مراجعة علاقاتها مع كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.. من غير المعقول أن يظل موقفها محصورا داخل دائرة ضيقة من الشجب والاستنكار ومناشدة المجتمع الدولي تحمل مسئولياته!

يجب الدعوة لعقد قمة عربية إسلامية مشتركة قبل مجيئ ترامب إلى البيت الأبيض في ٢٠ يناير الجاري.. للاتفاق على موقف موحد إزاء تهديدات ترامب بتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم!

لدى الدول العربية والإسلامية أوراق كثيرة يمكن استخدامها ضد الولايات المتحدة.. لإجبار ترامب على مراجعة حساباته..

فعلى أراضي الدول العربية والإسلامية توجد أكثر من ٦٠ قاعدة عسكرية أمريكية.. يمكن التهديد بإغلاقها.. وفي بنوك الولايات المتحدة أكثر من تريليونين دولار.. يمكن التهديد بسحبها!

لأنه إذا كان ترامب سمح لنفسه بتهديد بلادنا بأنه سيحولها إلى جحيم..

فلماذا لا نقابل التهديد.. بتهديد.. باستخدام الإمكانيات التي لدينا ضد الولايات المتحدة!

ترامب رجل صفقات.. ولن يغير موقفه إلا إذا شعر بأن العرب والمسلمين بدأوا التحرك للإضرار بمصالح الولايات المتحدة!

العالم الذي نعيش فيه الآن لا يحترم إلا القوى..

أما الضعفاء.. فلا مستقبل لهم في هذا العالم!!

السيد هاني

كاتب صحفي مصري، نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية متخصص في الشئون الدولية، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights