الأمة: شكل العام الماضي الذي بدأ تأريخه في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، قفزة نوعية في هجمات المستوطنين على الفلسطينييين في الضفة الغربية، التي أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 25 مواطنا فلسطينيا وجرح المئات وسرقة عشرات آلاف الدونمات الزراعية،.
وتهجير نحو أربعين تجمعا بدويا، بعد تهديد ساكنيها بحرقهم احياء، ليبلغ مجموع ما نُفذ من اعتداءات 16663 اعتداء، وسط انشغال العالم بحرب الابادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وفي كافة أماكن الوجود الفلسطيني من أجل فرض وقائع جديدة على الأرض.
اللافت اليوم، وفق المراقبين- أن سلوك دولة الاحتلال والمستوطنين لم يعد يستهدف المناطق المصنفة ج وحسب، بل تمددت الإجراءات لتطال المناطق المصنفة ب، بإعلانات تلغي ما بقي من اتفاقيات سياسية، وهي تندرج ضمن خطوات مخطط لها مسبقاً .
وتم التستر بستار الحرب وبالحالة الأمنية من أجل تنفيدها والعمل على حسمها، من خلال حاضنة تشريعية يتم إنجازها للمشروع الاستيطاني،
فمن جهة يتم إجراء تغييرات جوهرية وغير مسبوقة في هيكلية الإدارة المدنية، وهو التغيير الذي لا يعفي الشكل السابق من كونه أداة استعمارية وجدت لترسيخ الاحتلال والسيطرة على الأرض.
يقول مسؤول وحدة الرصد في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود لـ” وكالة قدس برس” إن طبيعة التغييرات التي تم إنجازها على الصعيد الهيكلي مثل استحداث منصب نائب رئيس الإدارة المدنية يتولاها شخص مدني بخلفية أيديولوجية يمينية استيطانية،
وهو وزير مالية الاحتلال “سموترتيش” الذي ثم منحه صلاحيات غير محدودة، ثم تعيين مدير جديد لمجلس التخطيط كان يعمل في مجلس استيطاني (شومرون/شمال الضفة)، وسحب صلاحيات تخطيطية من السلطة الفلسطينية ومنحها للاحتلال وتحديداً في المناطق المصنفة ب، وبادية بيت لحم الشرقية الممتدة من جنوب القدس وحتى شمال الخليل بمساحة 167 كم2،
مما يظهر نية الاحتلال الحقيقية حول هدفها الاستراتيجي الذي يجري العمل على إنجازه من خلال الاستيطان والعبث والتقطيع الممنهج للأرض الفلسطينية وهو إعدام إمكانية قيام دولة فلسطينية في المستقبل.
الملاحظ وفق داود هو “حالة تسريع الخطط التي تنفذها دولة الاحتلال، فقد سرعت من إجراءاتها الاستيطانية على الأرض، فمن ناحية، زادت في عمليات مصادرة الأراضي،
ومن ناحية أخرى، سرعت في عمليات دراسة مخططات التوسعة للمستعمرات في الأرض الفلسطينية، وكذلك في مسألة بناء البؤر الاستيطانية الرعوية، كل هذا يجري بستار الحرب وبستار قوانين الطوارئ التي تم تمكين المستوطنين من خلالها بالسلاح وبالتشريعات التي تحرم الفلسطيني حتى من إمكانية الدفاع عن نفسه”.
وطالت عمليات المصادرة الممهنجة للأراضي الفلسطينية 52 ألف دونم، منها 25 ألف دونم تحت مسمى تعديل حدود محميات طبيعية، و24 ألف دونم من خلال 7 أوامر إعلان أراضي دولة في محافظات القدس ونابلس ورام الله وبيت لحم، 1233 دونماً من خلال 52 أمراً لوضع اليد لأغراض عسكرية هدفت لإقامة أبراج عسكرية وطرق أمنية ومناطق عازلة حول المستوطنات.
وفعليا بدأ الاحتلال بإنشاء مناطق عازلة حول المستوطنات من خلال جملة من الأوامر العسكرية، بلغ عددها 12 منطقة عازلة، تركز معظمها في شمال الضفة الغربية وتحديدا محافظتي سلفيت ونابلس،
في حين فرضت منطقتين في محافظة رام الله والأخيرة في محافظة بيت لحم، وحذر من تمدد هذا الإجراء ليشمل مستوطنات أخرى، وبالتالي عزل المزيد من الأراضي ومنع المواطنين من الوصول إليها بالحجج العسكرية والأمنية تمهيداً لتحويلها لصالحها.
ودرست الجهات التخطيطية في دولة الاحتلال ما مجموعه 182 مخططاً هيكلياً لغرض بناء ما مجموعه 23267 وحدة استعمارية على مساحة 14 ألف دونماً جرت عملية المصادقة على 6300 وحدة منها، في حين تم إيداع 17 ألف وحدة استعمارية جديدة.
وقال داود أن أبرز أشكال هجمات المستوطنين خطورة تلك المتمثلة بالبيئة القسرية الطاردة التي بات يفرضها هؤلاء مما يؤدي إلى تهجير العشرات من التجمعات البدوية،
مضيفا بأن هذا المخطط هو مخطط دولة، تم إيكال مهمة تنفيذه للمستوطنين الذين هددوا المواطنين بالسلاح وحرموهم من مساحات الرعي والمياه،
في حين أدت إجراءات الاحتلال وإرهاب المستوطنين إلى تهجير 28 تجمعاً بدوياً فلسطينياً تتكون من 292 عائلة تشمل 1636 فرداً من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى، كان آخرها تهجير تجمعات وادي الفاو وأم الجمال في الأغوار الوسطى وسيطرة المستوطنين على الموقع.
وتدخل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، عامها الثاني على التوالي، يوم غد، حيث يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، عدوانه على القطاع بمساندة أمريكية وأوروبية، وتقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة إلى استشهاد أكثر من 41 ألفا و870 شهيدا، وإصابة أكثر من 97 ألفا و166 آخرين، ونزوح 90% من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.