بنت الشاطىء .. سيرة ومسيرة
كتبت د. خديجة محمد
عائشة محمد علي عبد الرحمن (بنت الشاطيء)
الميلاد: 6 نوفمبر 1913م، دمياط
الوفاة: 1 ديسمبر 1998م، القاهرة.
نشأتها:
ولدت بنت الشاطىء في مدينة دمياط بشمال دلتا مصر في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1912م، وكان والدها مدرّساً بالمعهد الديني بدمياط، وجدها كان شيخاً بالأزهر الشريف، وقد تلقت تعليمها الأوّلي في كتّاب القرية، فحفظت القرآن الكريم، ثم أرادت الالتحاق بالمدرسة عندما كانت في السابعة من العمر، لكن جدها رفض ذلك؛ فتلقت تعليمها بالمنزل، وقد بدأ يظهر تفوقها ونبوغها في تلك المرحلة عندما كانت تتفوق على قريناتها في الامتحانات بالرغم من أنها كانت تدرس بالمنزل وقريناتها بالمدرسة.
وبعدها التحقت بجامعة القاهرة لتتخرّج في كلية الآداب قسم اللغة العربية 1939م، وكان ذلك بمساعدة أمها مع عدم رغبة والدها في ذهابها للجامعة، وقد ألّفت كتابا بعنوان “الريف المصري” في عامها الثاني بالجامعة، ثم نالت الماجستير بمرتبة الشرف الأولى عام 1941م. وخرجت مبكرًا بفكرها وقلمها إلى المجال العام.
تزوجت الأستاذ أمين الخولي صاحب الصالون الأدبي والفكري الشهير بمدرسة الأمناء، وأنجبت منه ثلاثة أبناء، وواصلت مسيرتها العلمية حتى نالت رسالة الدكتوراه عام 1950م.
بنت الشاطىء:
اختارت لقب بنت الشاطىء لأنه كان ينتمي إلى حياتها الأولى على شواطئ دمياط التي وُلدت بها
المفكرة والكاتبة المصرية، والأستاذة الجامعية والباحثة هي أول امرأة تحاضر بالأزهر الشريف، ومن أول من اشتغلن بالصحافة في مصر وبالخصوص في جريدة الأهرام، بعد مي زيادة، وهي أول امرأة عربية تنال جائزة الملك فيصل في الآداب والدراسات الإسلامية.
وقد كان لها مواقف فكرية شهيرة، واتخذت مواقف حاسمة دفاعًا عن الإسلام، فخلّفت وراءها سجلاً مشرفًا من السجالات الفكرية التي خاضتها بقوة؛ وكان أبرزها موقفها ضد التفسير العصري للقرآن الكريم ذودًا عن التراث، ودعمها لتعليم المرأة واحترامها، بمنطق إسلامي وحجة فقهية أصولية دون طنطنة نسوية، وموقفها الشهير من البهائية وكتابتها عن علاقة البهائية بالصهيونية العالمية.
مؤلفاتها:
أبرز مؤلفاتها هي:
التفسير البياني للقرآن الكريم، والقرآن وقضايا الإنسان، وتراجم سيدات بيت النبوة،
وكذا تحقيق الكثير من النصوص والوثائق والمخطوطات،
ولها دراسات لغوية وأدبية وتاريخية أبرزها:
نص رسالة الغفران للمعري، والخنساء الشاعرة العربية الأولى، ومقدمة في المنهج، وقيم جديدة للأدب العربي،
ولها أعمال أدبية وروائية أشهرها: على الجسر.. سيرة ذاتية، سجلت فيه طرفا من سيرتها الذاتية، وكتبته بأسلوبها الأدبي.
مناصبها:
كانت بنت الشاطئ نموذجًا للمرأة المسلمة التي حررت نفسها بنفسها بالإسلام، فمن طفلة صغيرة على شاطئ النيل في دمياط إلى أستاذ للتفسير والدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة القرويين في المغرب، وأستاذ كرسي اللغة العربية وآدابها في جامعة عين شمس بمصر، وأستاذ زائر لجامعات أم درمان 1967م، والخرطوم، والجزائر 1968م، وبيروت 1972م، وجامعة الإمارات 1981م، وكلية التربية للبنات في الرياض 1975- 1983 م.
تدرجت في المناصب الأكاديمية إلى أن أصبحت أستاذاً للتفسير والدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة القرويين بالمغرب، حيث قامت بالتدريس هناك ما يقارب العشرين عامًا.
ساهمت في تخريج أجيال من العلماء والمفكرين من تسع دول عربية قامت بالتدريس بها،
جوائزها:
حصلت الدكتورة عائشة على الكثير من الجوائز منها جائزة الدولة التقديرية للأدب في مصر والتي حازت عليها عام 1978م، كما حصلت أيضا على جائزة الحكومة المصرية في الدراسات الاجتماعية، والريف المصري عام 1956م، ووسام الكفاءة الفكرية من المملكة المغربية، وجائزة الأدب من الكويت عام 1988م،
وفازت أيضا بجائزة الملك فيصل للأدب العربي مناصفة مع الدكتورة وداد القاضي عام 1994م
كما منحتها العديد من المؤسسات الإسلامية عضوية لم تمنحها لغيرها من النساء مثل مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، والمجالس القومية المتخصصة، وأيضاً أَطلق اسمها على الكثير من المدارس وقاعات المحاضرات في العديد من الدول العربية.
توفيت عائشة عبد الرحمن عن عمر يناهز 86 عام في يوم الثلاثاء أول ديسمبر 1998م. وبقيت سيرتها العطرة تفوح حتى يومنا هذا.