مقالات

جمال سلطان يكتب: بعد فشل الانقلاب يحاولون تشويه سوريا الحرة

أعلنت السلطات السورية اليوم توقيف عدد من المتطوعين غير النظاميين، ممن أشارت إليهم اتهامات بارتكاب تجاوزات في عملية دحر التمرد العسكري في الساحل السوري، وقالت أنها ستحيل من يثبت تورطه في تلك التجاوزات إلى القضاء العسكري، كما أعلنت عن فرض حوائط حماية عسكرية على المناطق التي كانت شهدت اشتباكات لضمان الحماية الكاملة للأهالي المدنيين، وتأمين أرواحهم وممتلكاتهم، وهذه خطوة جيدة، فأي تجاوزات هي مدانة قولا واحدا، وسوريا الثورة تختلف جذريا عن سوريا المجرم بشار، وهنا ينبغي إثبات عدة نقاط مهمة:

أولا: هذه السلطة تدير الحكم في سوريا منذ 3 أشهر، ورغم قسوة الظروف ومشاعر الإحساس بالظلم والقهر سنوات طويلة قبل النصر، إلا أنها برهنت على جدية التزامها بالأمن والأمان لجميع مكونات الشعب السوري بغض النظر عن العرق والطائفة، ومنذ توليه السلطة لم يثبت أي انتهاكات ضد أي جهة طوال هذه الفترة، رغم أن الجميع كان ينتظر ذلك، حتى أن دوائر غربية أبدت استغرابها ودهشتها للتحول السريع إلى السلام الاجتماعي في سوريا .

ثانيا: ثبت بوجه القطع أن كثيرا من الفيديوهات والمنشورات التي ملأت وسائل التواصل الاجتماعي أمس واليوم عن أعمال قتل ونهب وما إلى ذلك، كانت ملفقة، ومزورة، وبعضها ثبت أن أصحابها مهووسون بركوب “الترند” استغلالها لعواطف الناس، وهذا ما يستدعي التحقيق الدقيق في كل تفاصيل الأحداث.

ثالثا: هناك شهادات دامغة من مواطنين من الطائفة العلوية تتهم بشكل واضح ومحدد قيادات عسكرية علوية من الذين قادوا التمرد الأخير بقتل عشرات المدنيين العلويين بتهمة عدم التعاون مع “الانتفاضة” وإلصاق تهمة الجريمة بقوات وزارة الدفاع السورية.

رابعا : أغلب ما ينتشر من اتهامات هي أقوال مرسلة، لا تستند إلى أي دليل قاطع، ولا يمكن معرفة تفاصيلها، ولا المتورطين فيها، ولا يعرف على وجه الدقة عدد الضحايا، حيث يجعلهم البعض عشرات والبعض الآخر جعلهم آلاف، وكل ذلك أقاويل مرسلة للتهويل لا تستند إلى أي دليل موثق، وبعض الفديوهات لا يعرف حتى تاريخ حدوثها، هناك “هوجة” من التشهير المركز، خاصة من حسابات لبنانية وعراقية.

خامسا : ما جرى في الساحل السوري كانت عملية غدر وخيانة من قيادات عسكرية من فلول النظام الساقط، قتلوا فيها غدرا وخيانة العشرات من الشرطة المدنية ومثلوا بجثث بعضهم، وتعمدوا تفجير المعركة داخل المدن والقرى وبين الأهالي، وحاولوا التحصن بهم، رغم إدراكهم أن هذا يعرض المدنيين للخطر ويتسبب بوقوع أضرار وتجاوزات بعضها يصعب التحكم فيه في ظروف الحرب.

سادسا : الغالبية الساحقة من الحسابات التي تتحدث عن مجازر في حق الأقلية العلوية هي نفسها الحسابات التي كانت قبل يوم واحد ترقص طربا بأخبار ذبح رجال الأمن، وتحرض على القتل وتقيم الأفراح لذبح أكثر من 30 شابا من العاملين في الأمن المدني للحكومة، وظلوا يبشرون بزوال حكم الثورة وعودة بشار الأسد، حتى وقت متأخر من الليل عندما ظهر انكسار الانقلاب وهروب قادته ولجوء بعضهم إلى قاعدة حميميم الروسية.

سابعا : أتفهم أي نقد أو غضب من أشخاص أو جهات لها سابقة مشرفة في الدفاع عن حياة الإنسان والتصدي للديكتاتورية الدموية للمجرم بشار، فهؤلاء نحني رؤوسنا لهم احتراما لنبل مواقفهم السابقة، ونتفهم قلقهم من الأخبار المقلقة الأخيرة، فهؤلاء أهل مبدأ وقيم، أما هؤلاء الذين ابتلعوا ألسنتهم أمام مجازر مستمرة في سوريا طوال 13 عاما، وقتل أكثر من نصف مليون سوري، بينهم أطفال ذبحوا بالسكاكين في أحداث شهيرة وموثقة، وتشريد 8 ملايين سوريا في بلاد العالم المختلفة، فضلا عن هؤلاء الذين كانوا يدافعون عن المجرم الذي كان يرتكب كل تلك المجازر في حق شعبه طوال هذه السنين، فهؤلاء يلزمهم الخجل من وضاعة أخلاقهم وخيانتهم لأبسط حقوق الإنسان، هؤلاء الشركاء المتضامنون في جرائم بشار غير مؤهلين لكي يعطوا أحدا، أي أحد، دروسا في أخلاق السياسة أو الحرب أو حماية أرواح البشر أو احترام القوانين وقواعد الحروب، هؤلاء هم دجالون وتجار سياسة، ومرتزقة، لا تعني لهم حياة البشر أكثر من كونها مادة للمتاجرة لا غير .

جمال سلطان

باحث وكاتب صحفي مصري.. رئيس تحرير صحيفة المصريون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights