أقلام حرة

حاتم سلامة يكتب: وتبقى أنت فوق الجميع

لسنا ممن يتعصبون لأزهرية ولا مذهبية ولا طرقية، نحن فقط ننحني للحق وحده، ونقوِّم ما حولنا من المواهب والأشخاص والعلماء والدعاة، كل حسب قامته وقيمته، وإبداعه وفكره.

دعني الآن أقول لك كلمة قالها لي أحد أدبائنا في يوم من الأيام حيث قال:

(إن محبا للقراءة والكتب تنمو ذائقته بعيدة عن القراءة للشيخ الغزالي لهي ذائقة مبتورة ومزاج معلول)

ثم تخيل بعد هذا الكلام من عالم أديب مكين، أن يأتي معرض الكتاب ويذهب القراء والمثقفون إلى باحاته يشترون الكتب، ويسألون عن الغث والسمين منها، ثم يعود أحدهم إلى بيته فرحا مسرورا دون أن يشتري ولو كتابا واحدا للشيخ محمد الغزالي.

فما أشد الفقد وما أقسى الخسران.

بل تخيل أمة يكثر فيها القراء وينشأ فيها جيل يصوب وجهه نحو الكتب وهي لا تعرف شيئا عن الكاتب الأعظم محمد الغزالي.

واليوم أخاطب شريحة جديدة يسيطر عليها الغرام الثقافي، وتتصدر الرواية مهجة أرواحهم والأدب بعمومه هيام قلوبهم.. ثم يغيبون عن المعين الصافي للأدب النزيه الأصيل.

الشيخ الغزالي من أكبر الكتاب الذين مزجوا الفكر بالأدب، وجعل من هذا الأدب سلاحا فتاكا يواجه به أعداء الإسلام، فما أن قصد به عتيا من عتاة العلمانية والإلحاد إلا ومناه بالردى عاريا مهزوما مدحورا.

كان العقاد يقول عن الشيخ الغزالي: أنا أقرأ لهذا الشاب.

الشيخ الغزالي كان داعية جادا محترما يحمل هموم أمته ومستقبل دعوته،

وكان يتمتع بحكمة عظيمة تجعل منه على المستوى العام للإسلام شيخه الأكبر وقطبه العظيم.

اختَلفوا مع الشيخ أو اتفَقوا معه، لكن الجميع كان ينحني إجلالا وإكبارا لجهاده وبلائه،

بل ولقلمه الذي مزج بأعظم روح وأزهى حس لا يمكن أن تجده عند غيره.

حينما تقرأ كتابا للشيخ الغزالي، تجد هياما عجيبا يسيطر عليك، ونشوة في النفس تدفع بك دفعا أن تقبل على الكتاب كله لتنهيه دون كلل أو راحة،

بل تندفع بعده أن تبحث عن كتب أخرى للشيخ، تمتع بها نفسك وترضي بها ذائقتك.. وتصاب بالحزن حينما تعلم أن كتب الشيخ الغزالي قد انتهت وخلصت.

كانت كل الأمم من حولنا تعرف قيمة الشيخ الغزالي ومكانته، وكان إذا زار الدول تستقبله استقبال الملوك،

وكل أدباء جيله ومفكريه كانوا يعلمون جلال قلمه ومكانة أدبه

الذي كان يعد أكبر مكسب وحصن يحمي به الصحوة الإسلامية وبيضة الإسلام إن عدا عليه عاد من أوغاد الأقلام الزائفة.

وإلى الشباب المفتون بالقراءات التافهة الزائفة المرتحلون إلى معرض الكتاب.. ابحثوا عن كتب الشيخ الغزالي إن وجدت واقتنوها وتعلموا منها، فهي الزاد لمن أراد الأدب والفكر والعلم والعقل والدين.

حاتم سلامة

كاتب وصحفي مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights