حشاني زغيدي يكتب: العيد خواطر تتجدد
أي نسمات جذابة تأسرنا باقتراب أيام العيد أيّ لحظات سعادة ننتظرها، فالمؤمن يستبشر بفرحة العيد، فهي عبادة وقربة، يتذوق معناها الصائم، هي لذة ونشوة عاشها الصائم عبر أيّام قضت في الصلوات والقيام والتسبيح، هي أيام مضت ساعاتها في التأمل والتفكير بين روائع الآيات وفي أورادنا، وهي أيام قضت في استباق الخيرات، فأيام الصيام أوقات غالية، يصعب إعادة روحانيتها، فهي أيام لا تتجدد.
فلا عجب أن ننتظر تلك اللحظات بأشواق وأفراح، لا عجب أن تسيح معها مشاعر الودّ والصّلة، لا عجب أن نملأ ساعاتها بالفرح والسّعادة، كيف لا وحبيبنا محمدًا يرسل تباشير تلك الأيام في صحيح السنن
(للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه)
فحق لكل صائم أن يشدّه الحنين والتأمل لمراتب الجزاء الذي خصّه الله للصائم، فالصوم خصه الله لنفسه، وهو وحده سبحانه من يقدر جائزته وثوابه، فحق لكل صائم أن يستبشر فرحا بعد تمام صومه، كل تلك المعاني من الخواطر يستحضرها الصائم كلّما اقتربت أيّام العيد.
إن لحن خواطره ترسم لنا أن نطرق أبواب السّعادة، فنشغل اللسان بالتسبيح والتكبير، فلحن خواطر العيد تحملنا لنشدّ الأحزمة لنواصل السّير على رسم أيّام الصّيام، أن لحن خواطر العيد تحملني وتحملك للطرق أبواب الأرحام والصلة، فتزور القريب والبعيد، نصل من قطعنا، ونبرّ من قصرنا في حقه، فأيّامه أيّام برّ وصلة وقربة، فنحيي سنة السّلام، فنسلم على من نعرف أو لا نعرف.
إن من خواطر العيد ونفحاته تتجدد لنردم الأحقاد والضغائن، فنضرب بينها وبينا بسدّ، حتى نعبر بسلام نحو برّ الأمان، أن نفحات العيد وخواطره تتجدد لنطرد مشاعر وأفكار شياطين الإنس والجن.
إنّ خواطر العيد تتجدد كلمّا أطل ّ العيد بأفراحه، يجدد فينا روح الأمل، يبعث في كوامنا روح التفاؤل أن الخير باق في جسمنا الأمّة الضعيف.
لعلّ من أجمل خواطر الأشعار أن أحلّق مع حادي الأشعار، رفقة شاعر رهيف الحس والذوق والجمال مع الدكتور عبد الرحمان العشماوي حيث يقول:
قال لي: ما العيد؟
أوْضِح صورة العيد لكي أعرِفَ رسْمَه
قلت: إن العيد أزهارٌ وأطيافٌ ونغمة
إنه ذاكرةُ الفجر التي لم تختزن ظُلْمه
إنه النّصُ الذي ثبّتَ فيه الحبُّ ختمه
إنه العيد، خيوطٌ من شعاعِ الحب،
عِقْدٌ أتقنَ الإحسان نظمه
قال لي: أسهبتَ في الوصف…
فقلت: العيد إشراقات بسمة
إنه أنت، فهل أدركت فهمه
إن العيد في وجدان كل مؤمن رسم بسمة في الوجوه العابسة، وأن العيد في وجدان مؤمن، رسم فرحة في عيون يقتلها الحرمان، تجدد، نفحات العيد فنزرع في النفوس البائسة طعم الحياة، فالعيد رسالة حب تبعث الضياء في كل الدروب.
العيد أحباب قلبي فرصة مباركة، لنجدد فيها الوصال، فنلتقي على الخير، هو فرصة نزرع فيها الحب والخير في ربوع الأرض.
تتجدد الخواطر كلما حلّ العيد، لتذكرنا أن لنا إخوة في الشتات بلا مأوى ولا طعام، يقاسمهم الجوع، تنهش أجسامهم الضباع، فالعيد، فرصة نحيي فيها التضامن والعطاء.
عيد سعيد للجميع!