حقول الغاز المشتركة بين السنغال وموريتانيا ..بين فرص التعاون والمردود الاقتصادي
فجرت زيارة رئيس الوزراء السنغال عثمان صونكو لموريتانيا تساؤلات عديدة حول قضية إمكانية استغلال الغاز المشترك بين موريتانيا والسنغال: وإمكانية وجود فرصة للتعاون ومردودية متفاوتة من هذه الثروة لكلا البلدين .
وقد اكتسبت زيارة الوزير الأول السنغالي عثمان صونكو إلى موريتانيا، أهمية خاصة بالنظر إلى توقيتها المتزامن مع بدء إنتاج الغاز من حقل “غراند تورتو أحميم”
ويشكل هذا المشروع البحري، الذي تم تدشينه مؤخرًا، وفقا للمحلل السياسي الموريتاني سلطان البان نقطة تحول كبيرة في التعاون الاقتصادي بين البلدين، مع وعود بمردودية اقتصادية عالية لكل من موريتانيا والسنغال.
ومع ذلك، يبرز السؤال حول كيفية إدارة هذه الثروة المشتركة لضمان استفادة عادلة للشعبين وفقا لتغريدة مطولة للبان علي منصة إكس .
عوائدالغاز: مقارنة بالأرقام
بحسب تقرير لموقع Geopoliticalmonitorو يُتوقع أن تكون عائدات الغاز ذات تأثير أكبر على دخل الفرد في موريتانيا مقارنة بالسنغال، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل:
ومن المهم الإشارة إلي أن عدد السكان موريتانيا يبلغ حوالي 4.2 مليون نسمة، مقارنة بـ17.3 مليون نسمة في السنغال، مما يعني أن نصيب الفرد الموريتاني من العائدات سيكون أعلى.
أما الناتج المحلي الإجمالي لكل البلدين ف يبلغ لموريتانيا حوالي 10.6 مليار دولار، أي أقل من ثلث الناتج المحلي الإجمالي للسنغال “31 مليار دولار”، مما يجعل تأثير عائدات الغاز أكثر وضوحًا على الاقتصاد الموريتاني.
وبالنسبة للتقسيم العادل للإيرادات: فيتم تقاسم عائدات الغاز بين البلدين بنسبة 50/50، وهو ما يضاعف تأثيرها على اقتصاد موريتانيا الأصغر نسبيًا.
في موريتانيا، يُتوقع أن يكون نصيب الفرد من عائدات الغاز أعلى بمقدار 4 إلى 5 أضعاف مقارنة بالسنغال، نظرًا للفارق الكبير في عدد السكان.
على سبيل المثال، إذا بلغت العائدات السنوية للحقل 1 مليار دولار، فإن نصيب الفرد في موريتانيا سيصل إلى حوالي 238 دولارًا سنويًا، بينما لن يتجاوز نصيب الفرد في السنغال 58 دولارًا.
التحديات والفرص
ويتابع البان في تغريدته قائلا :رغم الإمكانات الواعدة، يواجه المشروع تحديات تتعلق بالتعاون الثنائي وإدارة الإيرادات:
حيث تعاني علاقات البلدين من عدد من التوترات الدبلوماسية حيث جاءت زيارة الوزير الأول السنغالي عثمان صونكو لمورتيانيا في ظل توترات ظهرت خلال إطلاق المشروع، حيث غابت الاحتفالات الرسمية بسبب خلافات بين قيادتي البلدين حول إدارة المشروع وتوزيع الإيرادات.
ومن الأمور المهمة المتعلقة بالمشروع فتتعلق بضمان الشفافية حيث يتطلب النجاح وضع آليات شفافة لإدارة العائدات وضمان وصولها إلى المواطن العادي.
و من المتوقع أن تسهم عائدات الغاز في جذب استثمارات أجنبية لموريتانيا، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والبنية التحتية.
وحصر المحلل السياسي الموريتاني عددا الفوائد الاقتصادية للمشروع علي البلدين حيث من المرجح أن ينجح في تحسين دخل الفرد فبفضل نصيبها المرتفع من العائدات، يمكن أن تشهد موريتانيا تحسنًا كبيرًا في مستوى المعيشة.
بل ستسهم العائدات في تقليل الاعتماد على الصناعات التقليدية مثل المعادن، مع دعم مشاريع الطاقة النظيفة مثل مصنع الهيدروجين الأخضر المقرر تشغيله في 2028.
وعلي الصعيد السنغالي سيسهم المشروع في تعزيز النمو الاقتصادي رغم أن نصيب الفرد من العائدات سيكون أقل، إلا أن السنغال ستستفيد من تطوير بنيتها التحتية وتوسيع قطاع الهيدروكربونات فضلا عن استدامة النمو إذ ستساعد العائدات في تمويل برامج التنمية وتعزيز الاستقلال الطاقوي.
وهنا يطرح تساؤلا مهم هل سينجح البلدان في إدارة الملف؟ لاسيما أن إدارة هذا المشروع بنجاح تتطلب إرادة سياسية قوية: تجاوز الخلافات الدبلوماسية ووضع مصلحة الشعبين في المقدمة مع وجود آليات رقابة شفافة لضمان توزيع عادل للعائدات و توجيه الإيرادات نحو مشاريع تنموية لتحسين البنية التحتية والخدمات العامة.
وأشار المحلل السياسي الموريتاني إلي إن زيارة الوزير الأول السنغالي لموريتانيا تأتي في لحظة حاسمة من تاريخ البلدين، حيث يشكل مشروع الغاز فرصة ذهبية لتعزيز التعاون وتحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة.
ومع ذلك،والكلام مازال للبان فإن النجاح يعتمد على قدرة البلدين على تجاوز التحديات الدبلوماسية والإدارية لتحقيق استفادة عادلة ومستدامة من هذه الثروة المشتركة. إذا تم تحقيق ذلك، فإن “غراند تورتو أحميم” لن يكون مجرد مشروع اقتصادي، بل نموذجًا يحتذى به في التكامل الإقليمي.