د. أنور الخضري يكتب: الملحد والزنديق
الملحد ليس بالضرورة أن يكون زنديقا، فالذي يقع في الإلحاد قد يكون إنسانا واقعا تحت شبهة قوية على عقله، فهو قد لا يهزأ ولا يسخر ولا يحتقر ولا يستهتر بالدين وإنما يبحث عن إجابة لإشكال لديه.
هنا أذكر قصة لأحد أساتذة الجامعة الذين أدركتهم، وكان في غاية النبوغ وغاية حسن الأداء تعليميا وغاية في الأخلاق وغاية في التعبد والابتهال، غير أنه كان قبل ذلك مرتدا ملحدا!!!
كان شابا مسلما بالوراثة ولديه نبوغ عقلي، ومن عائلة جادة وخلوقة وذات سمعة، حقق نسبة نجاح عالية وحصل على بعثة للغرب،
وهناك وجد تقدما ومجتمعات منضبطة ومجدة ومنتجة ومهتمة بالعلم والثقافة والفن والمواهب، مع ما في بلدانها من تطور وقانون ونظام.
هذا التناقض بين بيئته المسلمة المتخلفة وبين بيئته المضيفة الكافرة المتقدمة قاده للإلحاد نتيجة قراءات فلسفية وفكرية.
عاد لبلده، وانتسب للتدريس في إحدى جامعات بلده بزي أجنبي وشخصية منبهرة بالغرب. جاء لوطنه مبشرا بالإلحاد دون استهتار بالدين باعتباره خيارا شخصيا. وكانت علاقته بطلابه فوق رائعة.
في إحدى السنوات وبعد أن تعرف عليه عدد من الشباب المتدين، ورأوا فيه شخصية خلوقة ومنظمة وعلمية ومنفتحة، قرروا أن يعيدوا في مادته لأربعة أترام كيما يربطوا علاقة معه.
وخلال تلك الفترة أهدوه جملة من الكتب بعضها لسيد قطب، وكان شخصا يحب الكتب ومغرما بالقراءة.
ذات يوم فاجأهم بدخوله القاعة بلبسه الخليجي، وافتتاح درسه بالبسملة والحمدلة والصلاة على النبي!
وشيئا فشيئا كان هذا الأستاذ قدوة في التدين الواعي الإيجابي المؤثر في طلابه.
لم يكن إلحاده طعنا في الدين، واستهزاءً بالله، وشتما لدينه، وسخرية بأوليائه، كان شبهة وزالت.
أما الزنديق فشخص يجمع الكفر والنفاق والتدين والاستهتار بالدين وشعائره ورموزه،
فهو شخص هلامي يمارس الشهوات ويبث الشبهات ويتكلم بالدين ويشوهه.