د. أنور الخضري يكتب: تشيعوا!!
هناك من يقول: إن من حماس وغزة من تشيعوا مؤخرا تأثرا بدعم إيران وأذرعها لهم. ويحوقل في إشارة إلى عدم الثبات!
….
أولا دعني أسأل هذا الكائن وأمثاله:
منذ أكثر من ١٠ أشهر ماذا فعلت الأنظمة والشعوب المسلمة المحسوبة على السنة؟ هل انتفضت؟ هل ساندت؟ هل احتجت وطالبت؟ هل انغمست في حراك مساند ضاغط لوقف الحرب من أي نوع؟ هل استجابت لنداءات بل صراخات أهلنا هناك وهم يطلبون النصرة أمام عدو أعظم وأفحش في القتل والإجرام والتدمير والتعذيب والتخويف والترويع؟
طبعا لا، وأغلب الأنظمة والشعوب في وضع غافل أو متربص بالأبطال.
هنا دعني أقول لك: أن الابن الذي يشوى في النار سيكفر بأبويه ورحمتهما إن رآهما متخاذلين عن إغاثته وبيدهما الماء، وإن الزوجة التي تغتصب من وحوش بشرية ستكفر بزوجها وحبه إن رأته لا ينبت ببنت شفة وهو يراها تستغيثه، وإن الإنسان سيكفر بمن حوله إذا رآهم بلا مشاعر ولا تفاعل والحياة تنهشه بقوة، فلا تتوقع أن لا يفتن الناس، ولكن تساءل من تسبب في فتنتهم؟! من أشعرهم أن إيمانه كاذب وأن ضميره ميت وأن عواطفه جامدة وأنه غير مهتهم لعويلهم؟! فالذي كان سببا في فتنتهم أشد انحرافا وغيا وضلالا منهم، لأنه لم يفعل موجبات الانتماء والولاء والأخوة الإيمانية بالنصرة والعون والله تعالى يقول: ((وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةࣱ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادࣱ كَبِیرࣱ))، الأَنفَالِ: ٧٣. فهذا التخاذل هو سبب الفتنة والفساد الكبير، الذي لا نقره لكن نعرف أننا الدافعون إليه والله يأمرنا أن نكون أولياء وأنصارا للمؤمنين فنأبى ونتغافل.
…..
ثانيا ماذا عنك لو كنت مكانه في هذا الحال والواقع داخل القطاع، بكل ما يعانيه من قتل وتعذيب وتشريد وتدمير وحصار وتجويع ووو… الخ، هل كنا سنرى منك ثباتا يا رخمة؟!! هل كنا سنرى وعيا ويقظة واتزانا واعتدالا؟!
الحقيقة هي أن كثيرا من المشككين والمعيبين على أخطاء إخواننا هناك في هذه الظروف لو بلغوا معشار ما بلغه أولئك لمال للكفر فضلا عن طائفة يراها مسلمة (وإن علم ظلمها وبدعتها).
إن القعدة المفلسين لم يخوضوا ذات الابتلاء ولم يتعرضوا لذات الفتنة غير أن ألسنتهم حداد شداد على إخوانهم، ولكن الله كفيل بامتحان الكل كي تتعرى القيم والأخلاق والنفوس، فاللهم سلم سلم.
……
ثالثا يجوز للمضطر اضطرارا شرعيا أن يظهر الكفر وليس البدعة لما يراه من فتنة فالفتنة قاسية شديدة على النفوس، فإذا كان هذا ما تجيزه الفتنة من الكفر فإن فتنة خذلاننا وانصرافنا أعظم وأشد. فلو وقع أفراد بغزة في ميل لإيران وأذرعها لكانوا معذورين لما يرون، فالله تعالى أعدل وأرحم من يعاقب مؤمنا ثابتا مجاهدا مغيضا لأعداء الله في فتنة أصغر من فتنة الكفر.
…..
لهذا لتخرس الألسن الجبانة ولتنشغل بعيوبها ولترجع إلى عجزها وتقصيرها وخذلانها بالعتب واللوم فإنها مسئولة عن ذاتها وعن أمة تباد أمام ناظريها وهي منغمسة في الملذات بل والمحرمات.