د. حلمي الفقي يكتب: الزكاة لأهل غزة
الحرب التي يشنها الاحتلال الصهيوني على أبناء فلسطين عموما، وأبناء غزة خصوصا، هي واحدة من أقذر الحروب في التاريخ، يقوم بها جيش هو الأسوأ والأقذر أخلاقيا في التاريخ كله، وقد وصف الحق سبحانه وتعالي اليهود بأخبث الصفات، ونعتهم بأحط نعوت اتصف بها بشر في التاريخ كله وقد أثبتت الوقائع صدق ربنا سبحانه وتعالى فيما وصف به اليهود، وكانت الحرب الأخيرة على غزة واحدة من العلامات الناطقة بهذه الصفات.
فمن صفات اليهود في القران:
1 – أنهم أعدى أعداء المؤمنين، قال الله – تبارك وتعالى -: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ}
2 – اليهود قتلة الأنبياء، ففي الوقت الَّذي يقدِّسون فيه أحبارهم، ورهبانهم إلى درجة العبادة نجدهم في المقابل يقتلون أنبيائهم قال: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيات اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 61] .
3 – اليهود أجبن البشر قال تعالي: ﴿يَٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ ٢١ قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ ٢٢ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ٢٣ ﴿قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَآ أَبَدٗا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ ٢٤ ﴾ [المائدة: 21-24]
وقال سبحانه وتعالي: ﴿لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ ١٤﴾ [الحشر: 14]
4 – اليهود أصحاب قلوب أقسي من الحجارة، وقد أثبتت الحرب على غزة صدق القرآن وصدق الحق سبحانه وتعالي: قال عز وجل ﴿ثُمَّ قَسَتۡ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَٱلۡحِجَارَةِ أَوۡ أَشَدُّ قَسۡوَةٗۚ وَإِنَّ مِنَ ٱلۡحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنۡهُ ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخۡرُجُ مِنۡهُ ٱلۡمَآءُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَهۡبِطُ مِنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ٧٤ ﴾ [البقرة: 74]
وفى حرب اليهود على غزة لم يترك الاحتلال جريمة إلا ارتكبها، ولا شنيعة ولا قبيحة إلا اقترفها، بل ابتكر من الجرائم ما يعجز إبليس نفسه عن التفكير فيه، وتعجز الكلمات عن وصفه، والمشاهد عن رسمه، وقام الاحتلال بشن حرب شرسة لا هوادة فيها على المدنيين العزل، وقتل الشيوخ والأطفال والنساء والمرضى قبل أن يقتل المجاهدين، وكلما حقق المجاهدين نصرا جزئيا قام الاحتلال بمجازر رهيبة يقتل فيها الأطفال والنساء، وقام الاحتلال بفرض حصار ظالم على قطاع غزة منذ قرابة عقدين من الزمان، وفى الحرب الأخيرة شدد الحصار على أهل القطاع فمنع عنهم الماء والغذاء والدواء، وكل حاجات الإنسان الأساسية وجعل حياة البشر جحيما لا يطاق، وكان هذا الحصار وحده كفيلا برفع الراية البيضاء والاستسلام، لكن الاحتلال قام بقصف الأبرياء في غزة جوا وبرا وبحرا، بآلاف الأطنان من المتفجرات ودمر الحياة دمارا شبه كامل، وكان هدف اليهود الأساسي من هذا الإجرام الذي يفوق الخيال هو إجبار أهل غزة على الهجرة وترك الأوطان ومغادرة الديار، وكانت المفاجأة في ثبات سكان القطاع في أرضهم رغم ما حل بها من دمار، وتمسكهم بالبقاء في وطنهم حتى لو أصبحت الحياة عذابا لا يحتمل.
والسؤال هل يجوز إعطاء الزكاة لأهل غزة؟
والإجابة نعم يجوز.. لكن الزكاة وحدها لا تكفي، وعلينا دعمهم بكل ما نملك، علينا دعمهم ماديا ومعنويا بكل سبل الدعم الممكنة.
فمن صور الدعم المادي، الدعم بالمال، بالزكاة وما هو أكثر من الزكاة فاثنان ونصف في المائة مرة واحدة في السنة لا تكفى لإعادة وجه الحياة لسكان قطاع غزة فمن استطاع أن يقدم أكثر من مقدار الزكاة كان هذا واجبا في حقه وعليه أن لا يكتفي بقيمة الزكاة.
ومن صور الدعم المادي مقاطعة كل المنتجات التي تدعم الاحتلال وهذه المقاطعة فريضة شرعية، وواجب إنساني، فلا يعقل إطلاقا أن نقدم أموالنا لمن يقتلون أولادنا، والمقاطعة فريضة على كل مسلم وعلى كل حر في العالم، لأن أهل غزة يدافعون عن الإنسانية كلها ضد أعداء الإنسانية.
وعلى كل مسلم وكل حر فى العالم أن يعرف العالم بعدالة قضية أهل فلسطين وأنهم يقاومون احتلالا غاشما دمر البلاد وأذل العباد، وأن المقاومة هى عمل مشروع فى كل قوانين الأرض، وفى كل شرائع السماء.
وعلينا ابتكار وسائل دعم جديدة، وعلينا أن نعمل عقولنا فى اختراع وسائل نصرة لأهل فلسطين وتقديم كل ما يدعم صمودهم فى وجه الاحتلال الغاشم.
وأخيرا
علينا الدعاء ليل مساء وصباح نهار، ولا نستهين أبدا بالدعاء، فالدعاء هو العبادة، بل الدعاء هو مخ العبادة،
اللهم ضاقت بأهلنا في غزة المسالك، وأحاطت بهم المهالك، واشتدت بهم الأزمات، واستحكمت حلقاتها، فاكشف اللهم غمتهم، وفرج كربتهم، وأغث لهفتهم، اللهُمَّ إِنَّهُم يُردّدون: ﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل﴾.. فأرِنا وعدَك: ﴿فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾!