مقالات

د. خالد حمدي يكتب: أولادنا بين طراوة مقصودة ورجولة مطلوبة

كثير من الناس يرسل إلى شاكيا تفاهة ولده وطراوته ودناءة ما يفكر فيه…

فكنت أقول لهم:

أولادكم ليس عندهم قضية عظيمة يعيشون لها، وينشغلون بها..

والعقول الفارغة حياتها فارغة!!

وهذا الذي أرادوه لهذه الأجيال منذ زمن..

محبوبة يهيم بها، وصحبة تافهة يبيع أبويه من أجلها، وأغنية جديدة، وفيلم جديد، وقصة شعر جديدة، وفريق يشجعه، وحياة مملة يحاول عبثا أن يجعل لها طعما فلا يستطيع إلا متصنعا..

مع أننا أمة القضايا العظمى…

قضية فلسطين.. أرض المنشر والمحشر..

بيت المقدس مسرى الرسول ومعراجه…

قضية الأوطان المحررة شكلا المحتلة مضمونا ومعنى… والتى تحوَّل منها أطنان الذهب ومليارات الآثار وعمولات السلاح إلى حسابات أفراد منذ عشرات السنين ولا زالت، وكانت تكفي شعوبا كاملة…

قضية الإسلام العادلة وحاجة الدنيا كلها إليها…

قضية الأجيال التي يراد لها أن تعيش مُسَخا مشوهة وكل همها المعاش لا المعاد!!

كل هذه وغيرها قضايا إن لم يعش من أجلها أولادنا فنحن نحرث في الماء، ونعبئ في الهواء…

معاذ ومعوذ قتلا أبا جهل لأنهما امتلآ بقصص إيذائه للنبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة..

والجيل الذي فتح الدنيا بالإسلام كانت قضيته الكبرى نشر النور في العالمين…

حتى اليهود انطلقوا من معتقد وقضية، ولا زالوا يدفعون أولادهم وبناتهم دفعا حتى لا ينسوا قضية أورشليم، حتى أن الأمهات طوال أجيال طويلة كن يعلمن بناتهن مقولة تنم عن ارتباطهن بالقضية، فكن يقلن أمامهن:

(يلتصق لساني بحلقي إن نسيتكِ يا أورشليم)

فالحل إذن… أن يكون لأولانا قضية أكبر من قضية ريال مدريد وبرشلونة ، ومصيف الصيف القادم، والأغنية الجديدة لفلان أو فلانة…

الحل للأجيال القادمة أن نرتقي في حواراتنا معهم من تفاهات الأمور إلى معاليها..

خالد بن الوليد كان أبوه ممن قنطروا في الجاهلية… أي كان يملك قنطارا من الذهب… ومع ذلك كان ولده أشجع الفرسان وأقواهم حتى قبل الإسلام، لأنه أبى وهو الكافر أن يكون أقصى أماني ولده كأسا وغانية ومالا وتجارة… أفلا يكون المسلم أولى بذلك منه؟!!

سيقول لك بعضهم:

دع أولادنا يعيشون حياتهم، وأرحهم من القضايا والرزايا..

فقل لهم: يعيشون نعم… لكنهم لا يحْيَوْن!!

لأن العيشة لم تذكر إلا للبدن… بينما الحياة لم تذكر غالبا إلا للأرواح والقلوب والعقول…

(معيشة ضنكا) (فلنحيينه حياة طيبة)

وما أكثر من يعيش، وما أقل من يحيا!!

والأحداث الجليلة هذه خير ما يعينكم على هذه المهمة.

د. خالد حمدي

باحث وداعية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى