د. محمد أكرم الندوي يكتب: الأربعون في ذم الخوارج
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين، محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنه لمن دواعي الشرف والاعتزاز أن أكتب هذه الكلمة على (كتاب الأربعين في ذم الخوارج) لصاحبه الأستاذ مصطفى محمد صادق السيد، الذي جمع فيه أربعين حديثًا صحيحًا أو حسنًا، تناولت موضوع الخوارج وفكرهم المنحرف.
اعتمد المؤلف في هذا الكتاب القيم على أحاديث منتقاة من الدواوين الحديثية المختلفة، مبرزًا من خلالها الأدلة الواضحة على فساد منهج الخوارج وضلالهم، والذين أضروا بالأمة الإسلامية عبر تاريخها، قديمًا وحديثًا، وقد حرص المؤلف على اتباع منهجية علماء الحديث في جمع الأربعينات، كما فعل الإمام عبد الله بن المبارك، والإمام النووي، وغيرهما من أعلام الحديث.
يتضمن الكتاب أربعة أقسام رئيسة:
القسم الأول:
وصف الخوارج، أوضح فيه المؤلف أبرز سمات الخوارج التي وصفهم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك تحليق رؤوسهم،
وزهدهم المصطنع الذي يخفون به طمعهم في الدنيا والسعي وراء الحكم، كما كشف عن سوء أدبهم مع الله ورسوله،
وألقى الضوء على أصول نشأتهم وما اتصفوا به من غلظة في القلوب وخشونة في التعامل.
والقسم الثاني:
ضلال الناس في آخر الزمان، تطرق فيه المؤلف إلى الأحاديث النبوية التي تُظهر ضلال الخوارج وتُحذر من فتن آخر الزمان،
وبيَّن المنهج الصحيح للتعامل مع هذه الفتن،
مؤكدًا أن استغلال الخوارج للمعاصي والمنكرات لخداع الناس هو جزء من استراتيجيتهم التي تناقض تعاليم الإسلام.
والقسم الثالث:
فضل الجماعة وخيرية الأمة، ركز المؤلف هنا على بيان خيرية الأمة الإسلامية، وأنها أمة مرحومة لا تجتمع على ضلالة،
وأورد الأحاديث التي تؤكد أن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها، موضحًا فضل الجماعة والإجماع،
والرد على من يكفر الأمة أو ينحرف بفكرها عن طريق الحق.
والقسم الرابع:
منهج الأمة الصحيح في فهم الدين، خصص هذا القسم لعرض المنهج القويم للأمة الإسلامية في فهم الدين،
محذرًا من خطورة الجدل الباطل وزلة العلماء واتباع المنافقين، كما شدد على أهمية التزام منهج التيسير والرفق في الدين،
ومحذرًا من الغلو والتنطع الذي يمثل ركيزة فكر الخوارج.
ومما يبعث على العجب والتقدير أن الأستاذ مصطفى السيد حالفه التوفيق في جمع الأحاديث المتعلقة بجوانب الموضوع المختلفة،
وضم بعضها إلى بعض في تناسق وانسجام، وحرص شديد على ضرورة اتباع منهج الوسطية والاعتدال، وهو روح هذا الدين، أوقع الجهل به كثيرين في مظاهر متنافرة من الغلو والجفاء، والتطاعن والتلاعن.
وأسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به كاتبه وقارئيه وسائر المسلمين، وأن يكون لبنةً في سبيل توعية الأمة بخطر هذا الفكر المنحرف، وردها إلى الصراط المستقيم.
والله ولي التوفيق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.