من يرتكز في نسق حياته اليومية على الخداع وسلب حقوق الآخرين مؤكد أنه لن يتورع عن سلب أرواحهم واستباحة كرامتهم ودمائهم، ومؤكد أن من يعرف التاريخ ويقرأه سيتوقع عواقب وجود الملالي مسلطين على رأس المجتمع سواء من خلال اسناد السلاطين أو ثقافة التخدير واستغلال الدين والأساطير المذهبية للعبث بعقول العامة من أبناء المجتمع وهكذا ساعد الملالي الطغاة على ظلم الشعب والتمادي في اضطهاد الفقراء والضعفاء، وبعد أن اشتد عودهم لم يكتفوا بسطوتهم الدينية والاجتماعية فبات السلطان حُلُما لهم بعد أن كانوا وعاظاً للسلاطين يفتون لهم بما زين لهم الشيطان، وشركاء لهم في ظلمهم وجرائمهم.
45 سنة في جحيم الملالي
اليوم وقد أصبح الملالي سلاطين منذ أن سلبوا ثورة عام 1979 وتسلقوا جماجم الشهداء وبلغوا السلطة على حساب دماء الأبرياء لم يتورعوا عن قتل المدنيين في الشوارع والمساس بأعراضهم وكرامتهم من أجل السلطة لم يردعهم دين ولا قدسية ولم يقف أمام أعينهم تاريخ أو قيم تُعيدهم إلى رشدهم وتوقظ ضمائرهم.
تكتظ السجون والمعتقلات وتمتلئ سجلات الموت والمقابر وتزدهر ثقافة وصناعة الموت حتى باتت حرفة وسبيلاً إلى الثراء خاصة بعد إثارة حرب السنوات الثمانية ضد العراق لا لشيء سوى رغبة الكاهن الأكبر ولي الفقيه المؤسس في إقامة وتوسعة الإمبراطورية مستخدما البسطاء والأبرياء أدوات ودروعاً يواجهون الموت في سبيل الوصول إلى أطماعه حتى باتت ضحايا الجبهة وخسائرها عبئاً أهلك المجتمع وعجنه بالألم وصبغه بالحزن، ولا تزال عواقب تلك الحرب قائمة حتى اليوم..، ولم يكتفي الملالي بالدم المُراق على جبهات الحرب غير المشروعة فكان جلاودهم صناع الموت يطوفون بكوابيس القتل تحت مسمى الإعدام فقتلوا عشرات الآلاف من خيرة أبناء الشعب الإيراني وأُعدِم من بينهم 30 ألف سجيناً سياسياً من أعضاء منظمة مجاهدي خلق المعارضة للملالي على رأيهم في مجزرة إبادة جماعية بشعة تستر ولا زال يتستر عليها الغرب، وتمت هذه المجزرة بتُهمة وفتوى الحِرابة وهي تُهمة وفتوى لا تنطبق على خصوم الرأي، وتتوالى أحكام الموت الحكومي تحت مسمى الإعدام وتتوالى ثقافة التعذيب والاغتصاب والتنكيل كمنهج ثابت لدى الملالي في السجون والمعتقلات، أما من هم خارج السجون فشوهوا دينهم وعقيدتهم ونكلوا بهم واستخفوا بعقولهم باسم الدين والدين بريء مما يفعلون.. ونال منهم الفقر وفساد الحاكم وحاشيته، وتهدمت طبقات المجتمع وساد الفساد وانتشرت المخدرات والفواحش والجرائم على الرغم من كثرة العمائم لكنها كانت على رؤوسٍ فاسدة خارجة.
الرغبة في الانتقام.. والقدس شعاراً
يقولون (ودارِهِم ما دمت في دارهم وأرضِهم ما دمت في أرضِهم) ويقولون أيضاً (يا غريب كن أديباً) لكن خميني عندما كان في العراق لم يلتزم بذلك أبداً ولم يحترم الدولة التي يعيش تحت كنفها علماً بأن العراق يصون ويحترم رجال الدين خاصة من هم في الحوزة، ولم يطرد العراق خميني، ولكن يبدو أن خميني كان على موعد في الغرب لإبرام صفقة السلطة ليعود سلطاناً على إيران متأملاً أن إمبراطوراً على المنطقة.
بعد استلامه السلطة في إيران رفع خميني شعار تحرير فلسطين ويوم القدس وقد كان لصيقاً بالشعار لكنه لم يخلص لفلسطين ولا القدس ولا شأن له بهما لكنه شعاراً سياسياً لتطويع البسطاء والتغرير بالقطيع حتى جاء عام 2003 وفضح نوايا ولي الفقيه وجنوده وكشف مؤامراته حيث نكلوا بالعراق وبتاريخه وبطشوا بالمنطقة بعد أن غاب العراق عنها.. وهذا هو حال الدول العربية الأربعة المفقودة اليوم التي احتلها الملالي باعترافهم.. وتلك مقتطفات موجزة لـ 45 سنة هلك فيها الملالي الحرث والنسل ونكلوا بالعقائد والقيم الإنسانية.. وللحديث بقية.. وإلى عالم أفضل.
د. محمد الموسوي / كاتب عراقي