د. محمد الموسوي يكتب: إنه العجب العُجاب.. الملالي يريدون محاكمة المقاومة الإيرانية
في عالم أصبح فيه البلهاء والحمقى سادة القوم لا غرابة ولا عجب فيما تراه وتسمعه أو يتواتر إليك لكن الغرابة والعجب كل العجب في المحيط الذي يقبل بأن يكون البلهاء والحمقى سادة القوم، وقد تقبل القوى الاستعمارية والانتهازية بذلك لتنفيذ مخططاتها وتحقيق مصالحها لكنها بالنهاية تجد نفسها أكثر حماقة من أولئك الذين ولتهم زمام أمور السلطة في بلدانهم، وهذا ما حدث في إيران عندما ولى الاستعمار مجند في صفوفهم لا يرتكز على شيء سوى غدره ببني جلدته وبزته العسكرية وأنه جندي في صفوف المستعمر ثم فجأة يصبح السلطان المعظم شاهنشاه مملكة إيران الجديدة فطغى وتجبر وظلم حمل وزراً ثقيلاً من الخطايا.. ثم أذله من جعلوه سلطاناً شر ذلةٍ فنفوه من أرضٍ لم يعدل فيها ولم ينتمي إليها بقدر انتمائه للدنيا وزخرفها وبالنتيجة حسابُنا وحسابه على الله، ثم آل لابنه بكل بساطة سلطاناً لم يكن له ولا لأبيه ولم يبذل من أجله أي مجهود لصناعته أو تنميته وفجأة ابنه أيضاً سلطان السلاطين في سلطنة كبيرة عليه يجلس على عرشها بعد انتزاعه من أبيه عنوة ثم نفيه ويقبل الإبن بالباطل بحق أبيه كما قبلها أبيه بحق الغير؛ لم يكتفي سلطان السلاطين بأن قبِل بنفي أبيه والجلوس مكانه على العرش بل راح يسلب كل روح وطنية داخل البلاد وتآمر على حقوق الشعب وممثليه فاضطهد الزعيم الخالد الدكتور محمد مصدق رحمة الله ونزع منه حقه الوطني في إصلاح وطنه وإسعاد شعبه؛ ولأن الله حكمٌ عدل.. ولأن الدنيا دين واجب السداد جاء أبناء الشعب الإيراني بالحق فنزعوه وخلعوه هو وزبانيته من الحكم، ثم يأتي أبولهب الغرب بحمقى وبلهاء جدد بثوب الخديعة ولسان الإحتيال فسلبوا ثورة الشعب وحق دماء أبنائه الشهداء الذين رووا أرض السجون ومقاصل الإعدامات والشوارع والساحات بدمائهم وسرقوا وطنهم وأحلامهم ولأجل الاحتفاظ بما سلبوه وسرقوه قتلوا واغتصبوا وتجبروا وساروا على هذا النهج 44 سنة من العربدة المثيرة للقرف والاشمئزاز، وقد فعلوا كل هذا بكل تأكيد بمساعدة أبولهب الغرب الذي بحماقته وحماقة الملالي صنيعته فضح كل المخططات القديمة والحديثة والحالية فالإقامة السهلة السلسة القصيرة لم تكن بأمر مني؛ والطائرة التي أنزلتهم لم تكن طائرتي.. وهكذا هم الحمقى والبهاء حين يحكمون نجانا الله وإياكم من شر الحمقى والبلهاء وعربدتهم.. لكنه التاريخ يا سادة. التاريخ.
التاريخ جوهرة الوجود وبوصلة الحياة والاستمرار ومن لا يعي تفاصيل تاريخه وتاريخ من حوله يكن تائها ضائعا أو بأهون تعبيرٍ عرضة للتيه والضياع والضآلة في عالمنا اليوم؛ عالمنا الذي بات فيه من لا تاريخ له رقماً ووجوداً عندما تخلى أهل التاريخ عن فكر وثقافة التاريخ.
تاريخ أبشع الجرائم في إيران
من يراجع ويتمعن بصفحات التاريخ المعاصر في إيران سيجد أن الملالي (وهم ثلة من الرجال المحسوبين بالخطأ على الدين) سيجد أنهم أي الملالي كانوا عونا دائما للسلاطين ووعاظا لهم وقد ساندوا الشاهنشاهية في ظلمها وطغيانها وجرائمها وإخلالها وساعدوها في حكمها الدكتاتوري وساعدوا الشاه المخلوع في التآمر على الدكتور مصدق ومسيرته الوطنية بإسناد من المستعمرين الذين لم يُنكِروا ذلك أبدا، وقد كان بعض الملالي يلقبون الشاه بـ ولي النعم ويتسابقون على تقبيل يده، وأما الشرفاء من رجال الدين وهم قلة نوعية فقد كانوا يرون بيوم ملاقاة الشاه يوماً عصيباً إذ سيضطرون على الأقل إلى الانحناء ذُلا وتعظيماً أمامه وهذا لا يجوز إلا للخالق عز وجل، وما أود أن أقوله هنا هو أن الملالي لم يكونوا رافضين للشاه بل على خلاف بسيط معه خلافٌ قابل للعلاج ويمكن أن يزول، وأما خميني فلم يختلف مع الشاهنشاهية إلا في أواخر عمره خاصة بعد نفيه إلى العراق وفي العراق كان ما كان بعدما رأى أبو لهب أن الشاه يتعثر وسيقع لا محالة عاجلاً؛ لم يكن خميني يرغب في الإقامة بالكويت لأسباب نفسية ولكنه قصدها وهو يعرف أنها لن تسمح له بدخولها ولا الإقامة فيها وقد كانت كل ترتيباته مُعدة للسفر إلى أبولهب الذي شرع الأبواب له على اعتبار أن الإيرانيين في حينها لا يحتاجون إلى فيزا لدخول فرنسا، ويذهب إلى حدود الكويت كما خطط وترفض استقباله خوفاً من ردة فعل الشاه الذي كان جباراً في إيران والمنطقة، وينطلق خميني ومُرافقوه إلى فرنسا من بغداد، وما هي إلا أشهر معدودات حتى عاد خليفة حاكماً يُحيي ويُميت ويُعز ويُذل والمُحيي المُميت المُعز المُذل هو الله الحي الذي لا يموت.. نعم لقد تحول ملالي طهران إلى نمرود عصرهم وبيضوا وجه أبي لهب وأبي جهل معاً، وإن كان هناك ثمة من يجب أن يُقام الحد عليه فهم الملالي فقد توفرت فيهم صفة السلب والنهب والسرقة والقتل وإرهاب الآمنين، وتاريخ 44 سنة عبثية مليء بالأدلة والحقائق التي لا يتسع لها أي مقال مُحددٍ بمساحة، وفي حين أن الله يأمر بالشورى في قوله (وأمرهم شورى بينهم) إلا خميني وجنوده لم يقبلوا شورى أحد ولم يسمحوا بوجودِ أحدٍ معهم بالعملية السياسية على الرغم من وعد خميني بذلك لكنه وعد وأخلف وهذه من صفات المنافق، وينعتون معارضيهم بما فيهم من سوء الصفات، ولم يكتفوا بذلك فحسب بل عملوا على إبادة معارضيهم في كل مكان خاصة منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ارتكبوا بحقهم جرائم إبادة جماعية في إيران بالمقرات الحزبية والشوارع وبالسجون ثم بالعراق واليوم يسعون للقضاء عليهم في ألبانيا وأوروبا بشتى المؤامرات الدنيئة التي لم ينكروها بل سعوا أيضا إلى دفع أطراف أوروبية للاعتراف بها.. أطراف إدعى الملالي أنهم شركاء متعاونين معهم وأنهم خاضعين لإرادتهم.
بعد سجلهم الإجرامي الإرهابي هذا يسعى الملالي اليوم إلى محاكمة منظمة مجاهدي خلق أو بمعنى آخر القضاء على مجاهدي خلق من تواطؤ أوروبي وغربي ليتمكنوا بعدها من إخماد الانتفاضة الإيرانية التي تمثل للملالي كابوسهم الأخير قبل مُضيهم إلى مثواهم الأخير، وخلاص الملالي من مجاهدي خلق يعني استقرار حكمهم ونفوذهم بالمنطقة والمضي قُدماً نحو آمالهم المعقودة على برامجهم النووية والتسليحية والتي بعدها لن تقوم للمنطقة والعرب قائمة.
لا يمكن تفسير دعوى نظام الملالي الآن بمحاكمة منظمة مجاهدي خلق إلا في إطارين.. الأول وهو (إن لم تستحي فأصنع ما شئت) والثاني وهو تشجيع وإسناد الغرب له وتغاضي الأمم المتحدة عن أفعاله بل ومدحها في بعض الأحيان، وربما يكون في هذه المرحلة دعماً أكبر وأوسع من ذي قبل خاصة بعد هيمنته السياسية والعسكرية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ولذلك يتجرأ الملالي اليوم على طلب محاكمة ضحاياه (منظمة مجاهدي خلق)، وعجبا لهذا العالم الذي يعين الجلاد على إعادة جلد ضحاياه تحت مسمى المحاكمة، لكن الأغرب من ذلك كله هو استعداد منظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية لتلك المحاكمة.. وقد جاء ذلك على لسان قائدها السيد مسعود رجوي الذي يقول نحن مستعدون للمحاكمة في إطار قضاء محايد..، الغريب في الأمر أننا قد نجد أصداء لمطالب الملالي في الغرب لكننا لا نجد أصداء لمطالب الشعب الإيراني وشعوب المنطقة، والأكثر غرابة لدى الغرب هو أن يكون إرهاب الملالي مشروعا ويكون دفاع الأبرياء العُزل عن أنفسهم إرهاباً، وعلى سبيل المثال سهولة إتهام الغير بالإرهاب وفق افتراضات عبثية كما جرى في العراق مثلا.. حيث عزز الغرب وجود الإرهاب في العراق ولم يكن يعرف العراق ولا شعبه شيئاً عن الإرهاب فكراً ولا ممارسة ثم تجد الغرب والأمم المتحدة اليوم ينظرون للعراقيين كإرهابيين وينظرون لسلطة الحكم التي تحكمهم اليوم سلطة شرعية رشيدة مُنتخبة علما أنها سلطة أمر واقع وقد وصفتها مبعوثة الأمم المتحدة نفسها بأبشع الأوصاف.. بمعنى أنها أفسد سلطة وغير شرعية وذلك في إحاطتين رسميتين علنيتين.. لكن ماذا تقول النظام العالمي له رأيه ورؤيته الخاصة.. لابد من أزمات لينتعش عليها الغرب ولا يوجد أفضل من نظام الملالي كصانع أزمات.
أما النظام العالمي هذا الذي يخلط بالأوراق ويصنع من الباطل حق فلا يعنيه كل ما يحدث في شيء بالوقت الحاضر سوى بعض المخططات والمكاسب الآنية من خلال حكم الحمقى والبُلهاء؛ لكنه أي النظام العالمي سيجد نفسه بالنهاية مُكتوياً بنيران هؤلاء الحمقى البُلهاء الذي صنعهم وأطال أمد وجودهم على حساب مصائر الشعب الإيراني وشعوب المنطقة.
الباطل مُتآكلٌ لا محالة وإن طال الزمن والحقُ مُنتصرٌ ولو طال اضطهاده.. ويكفي نور جماله ساطعاً مهيمناً.. والباطل ضالٌ أعمى البصر والبصيرة.. ظلامٌ دامسٌ وليلٌ حالك.
ستنتصر الشعوب، ولكن لا نعلم ماذا ستفعل شعوب المنطقة المتضررة بالملالي وعمائمهم، وعلى من يجد من الملالي نفسه بريئا أن يتبرأ منهم علانية وينسحب من المشهد حتى لا يصيبه مكروه أو يقع تحت أرجل الثوار إن قامت القائمة.
د. محمد الموسوي / كاتب عراقي