د. محمد عياش الكبيسي يكتب: تساؤلات وإجابات
وردتني أسئلة تتعلق بتسجيل مرئي فيه فتوى لأحد المشايخ الأفاضل ربما فُهمت خطأ، والذي يهمنا هنا الأجوبة العملية عن هذه الأسئلة بغض النظر عن التسجيل نفسه:
١- حكم التصرف بيعا وشراء وتبرعا وتصدقا بالمواد التموينية التي تخصصها الدولة لعموم المواطنين أو للمحتاجين منهم فقط -كما في بعض الدول-؟
الجواب: التصرف جائز بكل أشكاله المذكورة، ولا حرج فيه، فبما أن هذه المواد قد دخلت في ملك الشخص بطريق مشروع فله الحق أن يتصرف فيها كما يشاء وهذا من تمام ملكيته، ولا يلزم بأكلها أو استخدامها بنفسه.
٢-حكم تصرف الفقير بالمواد التي تأتيه من باب الزكاة أو الصدقة وحتى صدقة الفطر، بيعا وشراء وصدقة، كل ذلك جائز، فلو أخذ الفقير صدقة الفطر قمحا أو رزا مثلا فله أن يبيعها ويتصرف بثمنها بحسب حاجته، ولا يلزم بأكلها.
٣- نعم يجوز للفقير أن يتصدّق على فقير آخر، ولو من أموال الزكاة أو التموين أو أي مال آخر اكتسبه بطريق مشروع، وقد امتدح الله الأنصار -رضي الله عنهم – فقال: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) والخصاصة شدّة الحاجة، بمعنى أنهم كانوا مستحقين للزكاة ومع هذا يتصدقون على غيرهم.
٤- لك أخي المزكّي أن تنصح الفقير الذي تعطيه من أموال الزكاة أن يتصرف فيها بما فيه مصلحته ومصلحة عائلته، لكنه ليس لك أن تشترط عليه، لأن الشرط مخلّ في تمام الملكية، والزكاة ملك تام للفقير ليس لأحد أن يتدخل فيه أو يشترط عليه.
٥- ربما ينسى بعض الإخوة المشايخ الجانب المعنوي في شخصية الفقير، فالفقير إنسان وهو ابن بيئته ومجتمعه، ويجب أن نضمن له كل ما من شأنه أن يجعله محترما في مجتمعه، فلذلك له أن يدعو الناس إلى بيته مثلا ويطعمهم ولو من مال الزكاة الذي وصله أو التموين، والفتوى بتحريم ذلك ينقص من شخصيته ويقيده، وهذا من الأذى المعنوي الذي هو أشد على الفقير وأسرته وأولاده من الأذى المادي، ولذلك نرى في باب آخر كيف أن القرآن جعل المنّ والأذى النفسي مبطلا للزكاة والصدقة فقال: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى).
نصيحتي لإخواني المتصدين للفتوى أن يراعوا الجوانب المختلفة وكل الآثار المترتبة على الفتوى.
والله يوفق الجميع لما يحبه سبحانه ويرضاه
وصلّ اللهم وسلّم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
