د. محمد عياش الكبيسي يكتب: مشاريع «تصحيح الأخطاء التاريخية»؟
١- على مدى سنتين تقريبا(٢٠٠٥-٢٠٠٦)، كان الحوار متواصلا ومحتدما بين فريق عربي إسلامي من مصر والعراق وسوريا والأردن وغيرها، وبين فريق من (المستشرقين) أوربيين وأمريكيين.
في إحدى الجلسات الساخنة كان أحدهم صريحا جدا حيث قال: يجب أن تفهموا وجهة نظرنا؛ هناك خطأ تاريخي حصل قبل ١٤٠٠ سنة حيث خرج الإسلام من جزيرة العرب وتمدد على حسابنا في الشام والعراق ومصر وشمال أفريقيا، وكنا نحن في ذلك الوقت في غفلة وشتات، اليوم نحن أقوياء وقادرون على تصحيح ذلك الخطأ الكبير!
أوكل إخواني الرد إليّ بعد موجة من الغضب، فقلت: نعم أنتم الآن أقوياء وقادرون ربما على تغيير خارطة المنطقة، ولكنكم أيضًا ستواجهون مشاكل كبيرة بسبب رفض شعوب المنطقة لكم ولمشاريعكم، ومعارك الفلوجة القريبة تكفي شاهدا على ذلك، لكن لنبقى في إطار نقاشنا الفكري والثقافي:
طريقتكم في التفكير هذه تلزمكم بتصحيح (خطأ آخر)، أنت الآن (مسيحي) وتعتز بمسيحيتك، فهل سألت نفسك من أين جاءتك المسيحية؟
لقد جاءتكم المسيحية من بلادنا أيضًا، فالمسيح ابن هذه المنطقة أيضًا.
فعليكم أن تطردوا المسيحية وترجعوا إلى وثنيتكم. فهذا هو تاريخكم.
ساد لغط حاد بينهم، ثم لاموا صاحبهم على صراحته واعتبروها (زلة لسان).
الحقيقة لم تكن زلة لسان، وإنما هي مشروع مكتمل الأركان.
٢- على الجبهة الأخرى هنالك مشروع آخر لا يقل خطورة وشراسة، فقيادات المشروع الفارسي لا يترددون في البوح بحلمهم الأكبر في استعادة امبراطوريتهم التاريخية وطرد العرب أو (البدو) بل والاستيلاء على مكة والمدينة كما صرح محمد صادق الحسيني وغيره.
هؤلاء العرب الذين يقول فيهم شاعر الفرس المشهور مصطفي بادكوبه (يا إله العرب، إن كانت الجنة بلغة العرب فاجعلني في قعر جهنّم حتى لا أسمع صوت العرب)
وأما الفردوسي فيقول في شاهنامته (من شرب لبن الإبل وأكل الضب بلغ الأمر بالعرب مبلغا أن يطمحوا في تاج الملك، فتبا لك أيها الزمان وسحقا).
هل أدركتم الآن الدوافع الحقيقية وراء هذا الحقد الأعمى على الفاتحين الأوائل؛ عمر وسعد وخالد؟
تجدر الإشارة هنا إلى أن الرئيس الإيراني نجاد كان قد أهدى نسخة من (الشاهنامة) هذه إلى بابا الفاتيكان! مما يرمز إلى التقاء المشروعين رغم اختلافهما في الدوافع وفي بعض التفاصيل. وقد أكد هذه الرمزية بالصوت والصورة الجعفري وهو يقدم ما يعتقده هو أنه سيف أمير المؤمنين علي رضي الله عنه هدية إلى رامسفلد وزير الدفاع الأمريكي.
والسؤال الكبير هنا؛ أين كانت شعوب هذه المنطقة وقياداتهم من كل هذه المشاريع؟ وبعد تساقط عواصمهم الواحدة بعد الأخرى هل هناك من يستلقي على ظهره ويشعر بالأمان لأن النار التهمت بيت جاره ولم تلتهم بيته؟