د. ممدوح المنير يكتب: هل الدعاء كافي لإنقاذ فلسطين؟
قصة موسى مع فرعون وبني إسرائيل هي أكبر القصص في كتاب الله وأكثرها انتشارا في القرآن وستظل قصة ملهمة بدروسها الى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
تأملت فيها عدة مشاهد يمكن اسقاطها على واقعنا المعاصر
١- بإغراق الله لفرعون مصر وجنوده انتهت سنة الهية عظيمة وهي انقاذ الله للفئة المؤمنة بالفعل الإلهي المعجز و بدء سنة إلهية جديدة وهي أن نجاة الفئة المؤمنة هي بأيدي الفئة المؤمنة ذاتها وبعالم الأسباب و ليس بالمعجزة.
حين طلب الله من بني إسرائيل دخول (الأرض المقدسة) رفضوا و قالوا لموسى ( اذهب أنت و ربك فقاتلا) كانوا لا يزالوا يعتقدوا أن المعجزات الإلهية مستمرة و عليهم فقط (الانتظار و الفرجة) على الفعل الإلهي المباشر كما حدث في إغراق فرعون، فكان عقاب الله لهم بالتيه و من بقي مع سيدنا موسى وفهم تغُير السنة الإلهية و أنها أصبح عملا في عالم الأسباب هم الذين كتب لهم النصر.
فمن ظن أن الله سيرسل طير أبابيل للقضاء على الصهاينة او يدعو الله أن ينتقم منهم و هو مسترخي في أريكته فهو واهم، فإن الله لن ينصر غزة و فلسطين الا بأيدي المؤمنين و بعالم الأسباب لا بعالم المعجزة.
٢- لم تدخل الفئة المؤمنة إلى فلسطين منتصرة إلا بعد تحررهم من الاستعباد بهلاك فرعون مصر و جنده و بالتالي لن تتحرر فلسطين او تنتصر غزة الا بتحرر شعب مصر من الاستعباد و هلاك الفرعون و نظامه و أي تصور للحل لا يمر عبر هلاك فرعون مصر هو تصور قاصر لن ينهي الأزمة من جذورها.
و أن أي شعب عربي يطمح في انقاذ فلسطين و نصرة المستضعفين، عليه أن يتحرر هو أولا من العبودية للفرعون لديه.
٣- حين رفض بنو إسرائيل الجهاد و دخول الأرض المقدسة خوفا من القوم الجبارين دعا موسى ربه قائلا (فافرق بيننا و بين القوم الفاسقين) فوصفهم بالفسق ثم أكد الله على صدق وصفه حين تحدث عن عقوبة التيه عليهم أربعين سنة لاستبدال جيل بجيل قائلا في الآية التالية مباشرة ( فلا تأس على القوم الفاسقين)!!
لقد كانوا قبل هذا الموقف هم الفئة المؤمنة التي شق الله لها البحر لنجاتها و أنزل عليها المن و السلوى و بخوفها و نقوصها عن مجاهدة العدو تحولت لدى الله و نبيه للقوم الفاسقين!!
فبظنك هل يستجيب الله الدعاء من فاسق تخلى عن نصرة أخيه في عالم الأسباب و ينتظر نصرته بعالم المعجزات؟!