ربيع عبد الرؤوف الزواوي يكتب: بلِّغوا عني ولو آية..
كان صديقي الدكتور أحمد رحمه الله أستاذاً جامعياً من طراز عالٍ في الخُلُق والعلم، وكان له جار اسمه رزق الله يسكن العمارة المقابلة لعمارته، وكانت النوافذ قريبة من بعضها لاقتراب العمارتين؛ إذ ليس بينهما مسافة تُذكر.
وكان الدكتور أحمد رحمه الله كلما قرأ القرآن في بيته بصوته الجميل وأدائه المتقن أخفض من صوته، لا سيما في الصيف عندما تكون النوافذ مفتوحة، حتى لا يتأذى جاره رزق الله بتلاوته؛ لا سيما الآيات التي تشهد بكفر من يقول إن الله هو المسيح ابن مريم، أو إن الله ثالث ثلاثة، أو إن المسيح ابن الله.. وكان ربما ابتعد عن النافذة وغيّر المكان الذي اعتاد أن يصلّي فيه..
مضت سنوات طويلة على ذلك، ثم التقيا في أحد الأيام، فقال رزق الله للدكتور أحمد: ربنا يكرمك يا دكتور أحمد، باسمعك من زمان وانت بتقرا القرآن؛ لو تبقى تعلي صوتك شوية. ثم ضحك وقال: وبطّل تقفل الشباك، بقى أنا باقرّب منك عشان أسمعك، تقوم تقفل الشباك أو تبعد عنه أو توطّي صوتك؟!..
نزلت كلمات رزق الله على الدكتور أحمد كالصّاعقة؛ وقال في نفسه: يعني الموضوع طلع عكس ما أنا كنت فاهم؟! ثم ابتسم وشدّ على يدي رزق الله، قائلا وهو مندهش: أنا آسف يا أستاذ رزق الله لو كنت بازعجك؛ معتش هاعمل كده تاني!..
فقال رزق الله: يا دكتور أحمد أنا باتكلم بجد، أنا دخلت في الإسلام من زمان، ومحدش يعرف، وقلت لازم أعرّفك قبل ما أموت!
رحم الله الدكتور أحمد ورحم الله الأستاذ رزق الله.. وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول: بلِّغوا عني ولو آية..
وقد قصصت عليكم القصّة كما حدّثني بها الدكتور أحمد رحمه الله.