قال زعيم المعارضة السورية المسلحة عبد الكريم الخواجة في مقابلة نشرت اليوم الجمعة إن قوات المعارضة تشن هجوما خاطفا في سوريا بهدف الإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد.
الإطاحة بحكم بشار الأسد
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المتمردين أصبحوا على أبواب مدينة حمص بعد انتزاع مدن رئيسية أخرى من سيطرة الحكومة. وفي غضون أسبوع، شهد الهجوم سقوط ثاني أكبر مدينة في سوريا، حلب، ومدينة حماة ذات الموقع الاستراتيجي، من سيطرة الرئيس بشار الأسد لأول مرة منذ بدء الحرب الأهلية في عام 2011.
وإذا سيطر المتمردون على حمص، فسوف يؤدي ذلك إلى قطع مركز السلطة في العاصمة دمشق عن ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو معقل رئيسي لعائلة الأسد، التي حكمت سوريا على مدى العقود الخمسة الماضية وبحلول صباح الجمعة، أصبح المتمردون على بعد خمسة كيلومترات فقط من حافة حمص، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال أبو محمد الجولاني، زعيم تحالف “هيئة تحرير الشام” إن هدف الهجوم هو الإطاحة بحكم الأسد. وأضاف الجولاني في مقابلة مع شبكة سي إن إن: “عندما نتحدث عن الأهداف، فإن هدف الثورة يظل إسقاط هذا النظام، ومن حقنا استخدام كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف”.
وشنت الفصائل المعارضة هجومهم في شمال سوريا في نفس اليوم الذي دخل فيه وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، اللذين كانا إلى جانب روسيا وإيران من الداعمين الأساسيين لحكومة الأسد.
قالت تركيا التي تدعم المعارضة اليوم الجمعة إن وزير خارجيتها هاكان فيدان سيلتقي نظيريه الروسي والإيراني هذا الأسبوع في قطر لمناقشة الوضع في سوريا.
وقال سكان والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن عشرات الآلاف من أفراد الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد فروا من حمص أمس الخميس خوفا من تقدم المتمردين. وأضاف خالد الذي يسكن في أطراف المدينة لوكالة فرانس برس إن “الطريق المؤدي إلى محافظة طرطوس (الساحلية) كان مضاءً… بسبب أضواء مئات السيارات الخارجة”.
وكانت حمص مسرحاً لحصار حكومي استمر عدة أشهر لمناطق المعارضة وهجمات طائفية مميتة في السنوات الأولى من الحرب الأهلية.
وفي وقت مبكر من الحرب، التي بدأت بقمع الأسد الوحشي للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، أشار الناشطون إلى المدينة باعتبارها “عاصمة الثورة” ضد الحكومة.
كان السوريون الذين أجبروا على مغادرة البلاد بسبب الحملة على الثورة ملتصقين بهواتفهم المحمولة وهم يتابعون التطورات. وقال يزن، وهو ناشط سابق يبلغ من العمر 39 عاماً ونجا من الحصار ويعيش الآن كلاجئ في فرنسا: “كنا نحلم بهذا منذ أكثر من عقد من الزمان”.
وعندما سُئل عما إذا كان يشعر بالقلق إزاء أجندة هيئة تحرير الشام الإسلامية، قال: “لا يهم بالنسبة لي من الذي يقوم بهذا. قد يكون الشيطان نفسه وراء ذلك. ما يهم الناس هو من سيحرر البلاد” ولكن على الجانب الآخر من الانقسام الطائفي، كان هناك خوف بين أبناء الطائفة العلوية في حمص.
وقال حيدر (37 عاما) الذي يعيش في حي تقطنه أغلبية علوية لوكالة فرانس برس عبر الهاتف إن “الخوف هو المظلة التي تغطي حمص الآن”. “لم أشاهد مثل هذا المشهد في حياتي. نحن خائفون للغاية، ولا نعرف ماذا يحدث”.
الأسد يقول إن تقدم” المتمردين” هو محاولة “لإعادة رسم” الخريطة الإقليمية علي حد وصفه.
وقال المرصد إن التحالف المعارض دخل اليوم الجمعة “مدينتي الرستن وتلبيسة” على الطريق الرئيسي بين حماة وحمص. وأضاف أن الفصائل واجهت “غيابا كاملا” للقوات الحكومية. وأظهرت لقطات نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وتحققت منها وكالة فرانس برس، مسلحين يطلقون النار في الهواء أثناء قيادتهم عبر تلبيسة.
وقالت وزارة الدفاع السورية إن الجيش شن ضربات ضد الفصائل في محافظة حماة ونوه المرصد السوري الذي يعتمد على شبكة من المصادر في سوريا إن 826 شخصا، معظمهم من المقاتلين ولكن بينهم أيضا 111 مدنيا، قتلوا منذ بدء الهجوم الأسبوع الماضي.
وقالت الأمم المتحدة إن العنف أدى إلى نزوح 280 ألف شخص، محذرة من أن العدد قد يرتفع إلى 1.5 مليون شخص وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن هناك “نزوحا جماعيا للعلويين السوريين من أجزاء من حمص، وعشرات الآلاف يتجهون نحو الساحل السوري، خوفا من تقدم المتمردين”.
ضربة قوية
إن العديد من المشاهد التي شهدناها في الأيام الأخيرة كان من غير الممكن تصورها في وقت سابق من الحرب وأعلنت الفصائل السورية عبر تطبيق تليجرام سيطرتهم على حماة بعد معارك شوارع مع القوات الحكومية، ووصفوها بأنها “تحرير كامل للمدينة”.
الترحيب بالمقاتلين
وخرج العديد من السكان للترحيب بالمقاتلين المتمردين. وشاهد مصور وكالة فرانس برس بعض السكان وهم يشعلون النار في صورة عملاقة للأسد على واجهة مبنى البلدية واعترف الجيش بفقدان السيطرة على المدينة، على الرغم من أن وزير الدفاع علي عباس أصر على أن انسحابه كان “إجراء تكتيكي مؤقت”.
وفي مقطع فيديو نشر على الإنترنت، قال زعيم هيئة تحرير الشام، الجولاني، إن مقاتليه دخلوا حماة “لتطهير الجرح الذي عانى منه السوريون على مدى 40 عاما”، في إشارة إلى مذبحة ارتكبها الجيش في ثمانينيات القرن الماضي. وفي رسالة أخرى على تيليجرام هنأ فيها “أهالي حماة بانتصارهم”، استخدم اسمه الحقيقي، أحمد الشرع، بدلاً من اسمه الحربي لأول مرة.
ووصف آرون لوند، وهو زميل في مؤسسة سينتشري إنترناشيونال للأبحاث، خسارة حماة بأنها “ضربة هائلة للغاية للحكومة السورية” وقال لوند إنه إذا خسر الأسد حمص فإن هذا لا يعني نهاية حكمه، ولكن “في ظل عدم وجود طريق آمن من دمشق إلى الساحل، فإنني أقول إن حكمه قد انتهى ككيان دولة موثوق به”.
وأفاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الخميس، إن التصعيد في سوريا هو نتيجة “فشل جماعي مزمن” للدبلوماسية.