مقالات

أحمد سعد فتال يكتب: كيف نتعامل مع اعتداءات «إسرائيل» على سوريا؟

«هل نستطيع مواجهة إسرائيل؟».. هذا هو السؤال الأكثر تداولاً في الأيام القليلة الماضية بعد تكثيف غارات واعتداءات قوات الاحتلال على الجغرافيا السورية.

وإزاء ذلك أقول:

إن السؤال برمّته خاطئ، فالقدرة والاستطاعة وتكافؤ القوة مع الأعداء ليست شرطاً -من الناحية الشرعية- للتصدي لهم ومجابهتهم،

فالتوصيف الشرعي المنضبط لما يحصل في الجنوب السوري هو أنه “جهاد دفع” لا تُشترط فيه القدرة والتكافؤ مع قوة “إسرائيل”، إنما تُبحث الاستطاعة فقط في حالة الهجوم وما يُسمى ب”جهاد الطلب” أو “جهاد الابتداء”،

قال الإمام ابن تيمية في الفتاوى المصرية: “قتال الدفع عن الحرمة والدين واجب إجماعاً فلا يُشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان”.

لذلك، فحينما يهجم عدو على بلد من بلاد المسلمين، فيجب التصدّي له بحسب الإمكان، ولو بالحجارة، قال الإمام الباجوري الشافعي في الحاشية:

“أنْ يدخل الكفار بلدة من بلاد المسلمين أو ينزل قريباً منها فالجهاد حينئذ فرض عين عليهم، فيلزم أهل ذلك البلد حتى الصبيان والنساء والعبيد والمَدِين، ولو بلا إذن من الأولياء، والأزواج، والسادة ورب المال، (يلزمهم) الدفع للكفار بما يمكن منهم ولو بضرب بأحجار ونحوها”.

ولا يُشترط في جهاد الدفع أن يكون الناس مدرّبين على القتال، قال الخطيب الشربيني الشافعي في الإقناع:

“الحال الثاني من حال الكفار أن يدخلوا بلدة لنا فيلزم أهلها الدفع بالممكن منهم، ويكون الجهاد حينئذ فرض عين سواء أمكن تأهيلهم لقتال أم لم يمكن”.

ويكون هذا الواجب متعيِّناً على أهل البلد التي دهمها العدو، فإن لم يستطيعوا انتقل الواجب إلى الأقرب لهم، فإن لم يستطيعوا انتقل إلى من يجاورهم من البلدان والمناطق، حتى يتعيّن فرض القتال على الأمة بأكملها حتى يُدفع العدو ويُقطع شرُّه، قال ابن حزم في المُحلَّى:

“إلا أن ينزل العدو بقوم من المسلمين فَفَرْضٌ على من يُمكِنُه إعانتُهم أن يَقصدِهم (يذهب إليهم) مُغِيثاً لهم”.

وقال الإمام الجصَّاص الحنفي في أحكام القرآن:

“ومعلوم في اعتقاد جميع المسلمين أنه إذا خاف أهل الثغور من العدو على بلادهم وأنفسهم وذراريهم أن الفرض على كافة الأمة أن ينفر إليهم من يَكُفُّ عَادِيَتهم عن المسلمين وهذا لا خلاف فيه بين الأمة”.

إن كيان “إسرائيل” لا يمكن أن يرتدع إلا إذا رأى قوة وحزماً، فهو لا يأبه بالوساطات الدبلوماسية، ولا يخضع حتى لضغوطات الرأي العام، كما أن “ورق التواليت” أغلى عنده من أوراق المعاهدات الدولية والاتفاقات الأممية، فهو يفعل ما يشاء لأنه يرى نفسه مُحصَّن دولياً كونه يمثّل رأس حربة المشروع الغربي في المنطقة الإسلامية، فعدوٌّ مثل هذا لا يجوز التعاطي معه إلا بلغة القوة وبسياسة السيف، وأهل سوريا اليوم هم أهل القتال والكفاح بما خبروه وعايشوه في سنوات الثورة، وليسوا قاصرين عن تأديب هذا المحتل وإنزال أعظم الخسائر به.

لذلك يجب على الحكومة السورية أن تتخذ قرار القتال لإخراج “إسرائيل” من الجنوب، وقد نصّ الفقه الإسلامي الذي تعتبره الحكومة “مصدراً أساسياً للتشريع” على وجوب ذلك، فإن لم يُقدِم رجال الحكم على هذا الإجراء فينبغي على أهل الثورة وحاملي السلاح في درعا وغيرها من المدن أن يفعّلوا خيار القتال من أجل لجم المعتدين، دون الالتفات إلى المخذّلين ومَن في قلوبهم مرض، الذين يدندنون على وتر القدرة والدبلوماسية وبناء الدولة، فهؤلاء لا يفهمون دينهم ولا تاريخهم ولا حاضرهم، ولا يفهمون عدوّهم أيضاً.

منتدى قضايا الثورة

أحمد سعد فتال

ناشط سياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى