تشهد القضية الفلسطينية حراكا عربيا ودوليا. قبل أيام التقى محمود عباس حماس في تركيا، ثم التقاها مع الفصائل الأخرى في العلمين. صحيح لم يتمخض اللقاءان عن شيء يذكر يمكن التعليق عليه، ولكن خرجت عنه صورة كان عباس يريدها، فهل كان لهذا اللقاء المحلي علاقة بلقاء القمة المصرية الأردنية الفلسطينية في العلمين؟ وهل للقاء العلمين علاقة بتطور ما في المباحثات السعودية الأميركية حول التطبيع مع دولة الاحتلال؟ ولماذا اختارت المملكة هذا التوقيت لتعيين سفير لها لدى السلطة الفلسطينية؟ ولماذا قدم السفير أوراق اعتماده للسلطة في عمان؟!
ثمة مبررات لمن يريد أن يربط بين هذه الأحداث التي تكون هذا الحراك معا، ويمكن لآخرين أن يعزلوا الأحداث هذه بعضها على بعض، ولكن حجج العزل ضعيفة، وربط الأحداث في سياقها الأعم أقدر على كشف المخبأ في السياسات .
الملف الكبير فيما سبق هو ملف التطبيع بين المملكة (وإسرائيل) والذي تقوده أميركا، وبايدن يريد إحداث اختراق في هذا الملف قبل الانتخابات الأميركية القادمة، حيث يرى في الاختراق فرص إضافية له بالفوز في ولاية ثانية، وبه يدحض دعاية صهيونية بأنه لا يتعاطف مع (إسرائيل) بما فيه الكفاية، كما فعل ترامب والجمهوريون.
المصادر العبرية تنقل عن مصادر عربية أن لقاء القمة في العلمين يهدف لمناقشة ملف التطبيع المحتمل بين المملكة ودولة الاحتلال، ومن ثمة تزويد المملكة بوقف فرقاء لقاء العلمين، ويذكر في بعض المصادر الإخبارية أن موفدا سعوديا سيحضر لقاء العلمين.
نحن لا نعرف الرسالة التي ستخرج من العلمين، ولكن بعض من يقرءون المستقبل يرون أن سفينة التطبيع قد تبحر قريبا في ضوء تفاهمات أبعد من الملف الفلسطيني.
وهنا يسأل المهتمون فيقولون: هل تعيين سفيرا سعوديا لدى السلطة لأول مرة يخدم القضية الفلسطينية ويحمل رسالة لدولة الاحتلال بأنه لا تطبيع قبل حلّ مقبول سعوديا لمسائل محددة في الملف الفلسطيني، وبالتالي تكون خطوة السفير ضد الضغوط للتطبيع، أم أن تعيين السفير هو تمهيد لإرضاء الفلسطينيين بهذا الإجراء السياسي إذا ما أبحر ملف التطبيع نحو شاطئ التوقيع؟
ما أود قوله إنه ثمة حراك ونشاط محلي وعربي ودولي في ملفات ذات علاقة بالملف الفلسطيني، وذات علاقة بملفات الدول المشاركة في الحراك، وما نرصده في الإعلام له وجهان أو عدة أوجه، والقطع بوجه منها سابق لأوانه، ولكن المنطقة في مخاض أميركا حاضرة فيه بقوة، فعلى ماذا سيسفر المخاض؟ لا تتعجلوا وانتظروا.
