
عاد الجدل حول مشروع توطين المهاجرين في ليبيا إلى الواجهة، إثر تصريحات نُسبت إلى وزير الحكم المحلي في حكومة الوحدة الوطنية، بدر الدين التومي، عبّر خلالها عن انفتاحه على فكرة إدماج المهاجرين مع السكان المحليين في عدد من المدن الليبية. وأثارت هذه التصريحات ردود فعل واسعة، ما دفع الوزارة إلى إصدار بيان نفي رسمي، مؤكدةً أن الاجتماع الذي جمع التومي مع نيكوليتا جيوردانو، رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، لم يتطرق إلى خطط توطين المهاجرين، واصفةً تلك الأنباء بأنها “ادعاءات تهدف إلى إثارة البلبلة”.
تفاصيل التصريحات والنفي
خلال اجتماعه مع جيوردانو يوم السبت، ناقش التومي التحديات المرتبطة بالهجرة في ليبيا، فيما فُسرت بعض تعليقاته على أنها تأييد لمشروع دمج المهاجرين. إلا أن بيان الوزارة الصادر يوم الاثنين أشار إلى أن اللقاء ركّز على “تعزيز التعاون في مجالات إدارة الهجرة”، دون ذكر أي خطط لتوطينهم.
ردود الفعل الرسمية: رفضٌ قاطع وتحذيرات أمنية
لم يُخفِ رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، رفضه القاطع لأي محاولات لتوطين المهاجرين غير الشرعيين، واصفاً إياها بـ”الانتهاك للسيادة الوطنية والتهديد للأمن القومي”. كما أعلن “ائتلاف القوى السياسية في ليبيا” في بيانٍ له رفضه لأي ضغوط خارجية لفرض برامج توطين، مؤكداً أن ذلك “سيُفاقم الأزمات الأمنية والاقتصادية”، وداعياً إلى “احترام خيارات ليبيا السيادية”.
التحركات الشعبية: حملات رفضٍ ودعوات للتضامن
تصاعدت الحملات الرافضة على منصات التواصل الاجتماعي تحت وسم “لا للتوطين.. لا للاحتلال”، مع دعوات لتنظيم مظاهرات في المدن الليبية. عبرت الناشطة نجاة مسعود عن غضبها بقولها: “الوطن يُغتصب ويُباع”، بينما حذّر الناشط زهير التاجوري من تحويل ليبيا إلى “محطة دائمة للمهاجرين”، معتبراً أن الحل يكمن في “معالجة جذور الأزمة بدول المصدر”.
من جهة أخرى، دعا الناشط جمال الكفالي إلى التوقف عن “تحريض الرأي العام ضد المهاجرين”، مشيراً إلى أن معظمهم يعبرون ليبيا كطريق نحو أوروبا، واصفاً أوضاعهم بالمأساوية.
خلفية الأرقام: تحديات الهجرة غير الشرعية
وفق إحصائيات وزارة الداخلية الليبية، يستضيف البلاد قرابة 2.5 مليون أجنبي، 80% منهم دخلوا عبر قنوات غير شرعية. وتُعاني ليبيا، الغارقة في أزمات سياسية وأمنية منذ سنوات، من تدفق متزايد للمهاجرين، ما يزيد الضغوط على بنيتها التحتية الهشة، ويُغذي المخاوف المجتمعية من تفاقم التحديات القائمة.
في ظل هذا الجدل، تظل إدارة ملف الهجرة اختباراً صعباً للسلطات الليبية، بين ضغوط دولية لمعالجة الأوضاع الإنسانية ومطالب محلية بالحفاظ على الاستقرار الداخلي.
اقرأ أيضا :
نيويورك تايمز: مواطنو ليبيا ضمن قائمة ترامب الحمراء المحظور دخولهم لأمريكا
هل قطرة العين والأذن مفطرة في نهار رمضان؟.. إفتاء ليبيا تٌجيب