فورين بوليسي: هذا هدف ترامب من تهديد حماس بجحيم في الشرق الأوسط
حذّر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في ديسمبر الماضي من أنّه سيكون هناك “عواقب وخيمة” إذا لم تُفرج حماس عن الرهائن المحتجزين في غزة بحلول موعد تنصيبه في 20 يناير.
وبحسب تقرير لدورية “فورين بولسي ” الأمريكية كرر ترامب هذا التحذير خلال مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء، مؤكّدًا أنّه “إذا لم يتم إعادة الرهائن بحلول الوقت الذي يتولى فيه منصبه، فسيحلّ دمارٌ شامل في الشرق الأوسط”.
وتابع : “لن يكون الأمر جيدًا بالنسبة لحماس، ولن يكون جيدًا، صراحةً، لأيّ أحد.”
لكن الرئيس المنتخب لم يوضّح ما يعنيه ذلك تحديدًا أو الخطوات التي قد يتخذها في حال عدم الوفاء بهذا الموعد.
ولم تردّ الجهات المقرّبة من ترامب فورًا على طلبٍ للتعليق من مجلة فورين بوليسي حول تصريحاته الأخيرة المتعلقة باتفاق الرهائن في غزة.
وبحسب التقرير الذي ترجمته “جريدة الأمة الإليكترونية ” تأتي تحذيرات ترامب الموجَّهة إلى حماس في خضم واحدة من أكثر الفترات تحوّلًا وفوضويةً تشهدها منطقة الشرق الأوسط في التاريخ المعاصر،
بل أن هذا التصريح يطرح تساؤلات حول مدى انخراطه المحتمل في شؤون المنطقة بعد أن تعهّد خلال حملته الانتخابية بـ”عدم الدخول في حروب جديدة”.
يقول جوناثان بانيكوف، نائب ضابط الاستخبارات الوطني لشؤون الشرق الأدنى في مجلس الاستخبارات الوطني “يهدف تهديد ترامب إلى إقناع حماس بأن أمامها فرصة أفضل للتوصل إلى اتفاق مع إدارة بايدن المنتهية ولايتها مقارنةً بالإدارة القادمة لترامب، لذا يجدر بها إبرام اتفاق الآن.”
ويضيف بانيكوف، الذي يشغل حاليًا منصب مدير مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي: “برغم أن هناك قنوات محدودة لممارسة مزيد من الضغط على حماس في غزة سوى دعم المزيد من الضربات الإسرائيلية في القطاع،
ولكن يجب التنبيه هنا أن معظم قيادات حماس الحالية يتواجدون خارج غزة، وقد تسعى إدارة ترامب إلى فرض عقوبات إضافية عليهم وعلى عائلاتهم في محاولةٍ لزيادة الضغط.”
عبر تحديد موعد نهائي صارم في 20 يناير للإفراج عن الرهائن، يحاول ترامب “ممارسة ضغط أكبر على العملية” و”خلق شعور بالإلحاح”، على حد تعبير الجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل، الذي أشرف على العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط بين عامي 2016 و2019 بوصفه قائدًا للقيادة المركزية الأمريكية، وذلك في تصريح أدلى به لمجلة فورين بوليسي.
ويرى فوتيل، الذي يشغل حاليًا منصب زميل كبير متميز في معهد الشرق الأوسط، أنّه من غير المرجح أن يلجأ ترامب إلى القوة العسكرية الأمريكية بوصفها حلًّا إذا ظلّت حرب إسرائيل وحماس دائرة يوم التنصيب.
لكنه يوضح أن ترامب يمكنه أن يعزّز دعم الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في غزة لزيادة الضغط على حماس، إلا أنه “نظرًا لمستوى الدمار الذي شهدناه بالفعل في القطاع، يصعب تصوّر ما يمكن فعله أكثر من ذلك.”
أحد الخيارات المحتملة التي قد يتخذها ترامب يتمثّل في دعم إسرائيل في فرض قيود أشد صرامة على المساعدات الإنسانية المتّجهة إلى القطاع، وهو أمر دعا إليه بعض المقرّبين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. غير أن ذلك قد يستجلب انتقادات داخلية ودولية، وقد لا يدفع حماس إلى تغيير موقفها.
يقول دنيس روس، المبعوث الأمريكي السابق إلى الشرق الأوسط، في حديثٍ مع فورين بوليسي: “لو كانت حماس قلقة بشأن معاناة سكان غزة، لكان هذا الأمر قد تم حله منذ زمن بعيد. قادة حماس لا يكترثون بتلك المعاناة—بل يستغلونها علي حد زعمه .”
ويضيف: “حتى لو منح الرئيس ترامب إسرائيل حرية أوسع ولم يضغط عليها فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، فمن غير الواضح مدى تأثير ذلك على قادة حماس في غزة.”
على مدى أكثر من عام، فشلت جهود الوسطاء الدوليين مرارًا في تأمين الإفراج عن الرهائن وإبرام اتفاق هدنة بين إسرائيل وحماس.
وحاليًا، يتواجد وسطاء من الولايات المتحدة وقطر ومصر في الدوحة، حيث يسعون للتوصل إلى اتفاق نهائي.
يوم الخميس، أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن—الذي تسابق إدارته لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار قبل مغادرة البيت الأبيض—عن تفاؤل حذر حيال إمكانية التوصل إلى هدنة.
وقال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض: “نُحرز بعض التقدم الحقيقي… ما زلت آمل أن نتمكن من إجراء تبادل للأسرى.”
بدوره، وصل ستيف ويتكوف، الذي اختاره ترامب ليكون مبعوثًا خاصًا للشرق الأوسط، إلى الدوحة للانضمام إلى المباحثات.
وفي مؤتمر صحفي عُقد في مارالاجو مطلع الأسبوع، قال ويتكوف إن المفاوضين “يحرزون الكثير من التقدم.”
وصرح ويتكوف: “أنا متفائل جدًا بأنه بحلول حفل التنصيب، سيكون لدينا أمور إيجابية نعلنها نيابةً عن الرئيس.”
على الرغم من هذه التصريحات الإيجابية، لا توجد ضمانات بأنه سيتم التوصل إلى اتفاق بحلول 20 يناير.
يقول دنيس روس، الذي يشغل حاليًا منصب زميل متميز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “ربما تزيد احتمالية التوصل إلى اتفاق قليلًا عن 50 بالمئة حاليًا.
ومضي للقول :إذ لا تزال العديد من العقبات التي كانت موجودة من قبل على حالها—حماس ما زالت تريد ضمانات قبل أن توافق على نهج متدرج بأن الحرب ستنتهي، فيما لا يزال رئيس الوزراء نتنياهو غير مستعد لتقديم تلك الضمانات.”
فيما لا تزال مسألة عدد الرهائن الأحياء الذين ستفرج عنهم حماس تمثل نقطة شائكة كبيرة في المفاوضات، وكذلك عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب الحركة بالإفراج عنهم في المقابل.
ويضيف روس: “ومع ذلك، فإن سبب تقييمي لاحتمال التوصل إلى اتفاق بأنه أعلى قليلًا من 50 % هو ما يُسمى بتأثير ترامب. قد ترغب حماس في إتمام الصفقة قبيل 20 يناير، على أمل أنه في حال كان هناك وقفٌ لإطلاق النار قبل تولي ترامب منصبه، فلن يرغب الرئيس في رؤية تجدد الحرب بعد وصوله للبيت الأبيض.
علاوةً على ذلك، أعتقد أن حماس تتعرض لضغط أكبر نوعًا ما من قطر ومصر وربما تركيا أيضًا—وكلها تسعى لإثبات جهودها أمام ترامب وتسليمه ما يريده.”
وطرحت فورين بوليسي تساؤلا يخيّم على جهود ترامب للتوصل إلى صفقة بشأن الرهائن يتمثل في موقف نتنياهو، الذي واجه انتقادات شديدة من عوائل الرهائن، واتُّهم بتعطيل محادثات وقف إطلاق النار.
ورغم أن نتنياهو وترامب كانا حليفين مقرّبين تاريخيًا، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يواجه ضغوطًا للحفاظ على تماسك ائتلافه الحكومي الهش—وقد توعّد أعضاء اليمين المتطرف بإسقاط الحكومة إذا وافق نتنياهو على صفقة وقف إطلاق النار.
يرى بانيكوف، المسئول السابق في مجلس الاستخبارات الوطني، أن الموعد النهائي في 20 يناير “ربما لا يعني الكثير لنتنياهو طالما لا يُنظر إليه على أنه العقبة أمام إبرام الصفقة.”
ويضيف: “إذا وافقت حماس فعليًا على صفقة، فسوف ينتقل الضغط عندها إلى رئيس الوزراء نتنياهو، لأنه سيفعل كل ما بوسعه—ما لم يصل الأمر إلى انهيار ائتلافه—ليضمن بداية الولاية الثانية لترامب بشكلٍ جيد، متحليًا بعلاقات إيجابية مع الرئيس المنتخب