أمة واحدةسلايدر

قصة عائلة (صبّ اللبن) قصة القدس بشكل مصغر

د. يوسف رزقة

قصة عائلة ( صب اللبن) هي قصة القدس كلها. عائلة صبّ اللبن واحدة من عشرات العائلات المقدسية التي تقطن القدس من عام ١٩٥٣م. حكومات الاحتلال تريد القدس خالية من السكان العرب، هي تريدها خالصة لليهود، لذا هي تشجع الاستيطان اليهودي في القدس على وجه الخصوص. حكومة الاحتلال خططت للقدس الكبرى بغرض منع عودة القدس الشرقية للفلسطينيين، وبغرض تقليل الوجود الفلسطيني فيها لأدنى حدّ ممكن.

لاحظ السلطة استنكرت طرد عائلة صب اللبن من بيتها الذي تقيم فيه منذ عام ١٩٥٣م، ولكن السلطة لم تفعل للعائلة شيئا، ولم تأخذ موقفا سياسيا من حكومة الاحتلال. ما أقصد قوله إن حكومات الاحتلال تعمل على تفريغ القدس من سكانها، وهو تفريغ وتهويد ترفضه السلطة، وترفضه الفصائل، وترفضه القدس ربقية الشعب، أي إن هناك إجماا داخليا على حماية القدس من التهويد، ولكن لم يترجم هذا الإجماع إلى أعمال وسياسات قابلة للتنفيذ؟! لماذا؟!.

الشجب الفلسطيني لا يكفي، وشجب جامعة الدول العربية لا يقدم ولا يؤخر، فكما أنه ليس هناك خطة فلسطينية لمواجهة التهويد والطرد، كذلك يمكن القول بأنه لا توجد أيضا خطة عربية أيضا؟!. والاتحاد الأوربي شجب طرد عائلة صب اللبن من بيتها، ولكنه لم يقدم عملا يترجم هذا الشجب، ويؤثر على قرارات حكومات إسرائيل؟!

إخلاء القدس من سكانها العرب مسلمين ومسيحيين له خطط متكاملة عند حكومات دولة الاحتلال، وهذه الخطط قيد التنفيذ التدريجي، فسكان القدس العرب كانو يمثلون أكثر من ٣٥٪‏ من سكان القدس، الآن نزل هذا الرقم ل ٢٢٪‏، وفي مخطط حكومة الاحتلال يجب أن ينزل إلى ١٢٪‏ خلال بضع سنوات، مع التأكيد على الضم، وعلى عدم التفاوض على القدس، وإجراءات دولة الاحتلال عديدة ومتنوعة، والسلطة والفصائل تعلمها وتعرفها كما يعرفها الكتاب، ولكن معرفتهم لا قيمة لها ما لم تترجم هذه المعرفة لخطة عمل مضاد، وشجب العرب والغرب لإجراءات حكومة الاحتلال لا قيمة له ما لم يترجم لعمل مضاد أيضا؟!.

 المؤسف أن عائلة صب اللبن تغادر منزلها مرغمة بقرار قضائي إسرائيلي، وهي لن تكون العائلة الأخيرة التي تواجه هذا المصير، وسيتكرر موقف الشجب، فماذ نفعل يا شعبنا في مثل هذه الحالة المرعبة؟!

د. يوسف رزقة

كاتب ومحلل سياسي، فلسطيني أستاذ الأدب والنقد في الجامعة الإسلامية بغزة ووزير الإعلام السابق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى