أقلام حرة

حشاني زغيدي يكتب: في دروب النجاح و التميز

في مواسم نهاية مراحل التعليم، تعيش معظم الأسر أفراحا كبيرة، وذلك لتمام فرحة النجاح، وهذا حق لا يمكننا نكرانه، فهو حق طبيعي لكل مجتهد أن يفرح ويستبشر بمحصول اجتهاده، محصول اجتهاد سنوات من الكد والتعب والسهر، حرم فيها لذة الراحة، فبشرى لكل مجتهد أن يحفل بنجاحه.

يحق لنا أن نتساءل ونطرح جملة من التساؤلات الوجيهة، هل يمكن حصر النجاح والتميز إلا في فرحة التحصيل التعليمي؟ إلا يعد تميزا ما يحققه الكثير من المبدعين من التميز في مجالات كثيرة ومتنوعة حققوا تميزا وانجازات مبهرة في ميادين تخصصهم ؟.

أتصور أن التميز هو إضافة نوعية يحققها المبدع باجتهاده، يقدم إضافة مختلفة عن نجاحات غيره، فلو افترضنا مؤسسة تعليمية حققت نجاحا بنسبة مئوية عالية وحقق طلابها تميزا تحصلوا على أعلى المعدلات في النتائج الدراسية متجاوزين المؤسسات التعليمية الأخرى، فإن هذا يصنف المؤسسة في عداد المؤسسات المتميزة، وأما المؤسسات التي حققت نسبة نجاح أقل أو متوسطة وحققت معها معدلات دراسية متوسطة، نقول عنها مؤسسة حققت نجاحا ولم تحقق تميزا.

وأتصور لو أن فلاحا حقق اكتفاء ذاتيا في محصول زراعي، وحقق كفاية احتياجات بيته وأسرته، فهذا يعد نجاحا ولا يعد تميزا، بينما فلاح آخر حقق مردودا إنتاج فاق احتياجاته الخاصة، بل تعداها لسد احتياجات قريته أو مديته. فهذا الفلاح حقق نجاحا وتميزا، وحق أن ينصف ضمن مجموعة المتميزين.

 وقد يعد تميزا من تجاوز باجتهاده الظروف والأحوال القاهرة، من يتحدى الإعاقة الحركية أو الظروف الاجتماعية القاسية، يتحدى الفقر والاحتياج، يسير بمواهبه وإبداعاته في فضاءات التميز، فهذا الإنجاز يعد تميزا وبصمة مميزة يحق للجميع الإشادة بها، وجعلها نموذجا يتحدى بها بين الأصحاب والأقران والمؤسسات في ميادين التميز.

في سياق حديثي استحضر نموذجا للتميز من خلال مطالعتي، شدتني كلمات تستحق أن تكتب بماء الذهب للعالم الياباني المبدع تاكيو أوساهيرا لعل الشباب اليوم يستلهم من تميزه الدروس والعبر، اكتفيت في هذا المقام بلب القول وأنفعه.

يقول «ابتعتني حكومتي للدراسة في جامعة هامبورغ بألمانيا، لأدرس أصول الميكانيكا العلمية، ذهبت إلى هناك وأنا أحمل حلمي الخاص الذي لا ينفك عني أبداً، والذي خالج روحي وعقلي وسمعي وبصري وحسي، كنت أحلم بأن أتعلم كيف أصنع محركاً صغيراً».

 فصنع المحرك زرع نهضة أسهمت في تطور دولته.

وأنا اخط مقالي ادخل على قلبي السرور طالب متميز من أبناء بلدتي نيله شهادة الدكتوراه بامتياز في بلاد الغربة متحديا الظروف القاسية، ليصنع هناك تميزه، أقول لابن ولايتي الدكتور صالح بركة ومن خلاله لكل أبناء وطني بأمثال هؤلاء المميزين نقتدي، وبأمثال هؤلاء نسير على خطاهم، حقيق لأي شاب أن يقتدي الأخيار، يقتدي بالنماذج التي صنعت تميزها باجتهادها، فالشباب عماد نهضة الوطن، عماد رفعة الأمة.

حشاني زغيدي

مدير مدرسة متقاعد، مهتم بالشأن التربوي والدعوي، الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights