تسارعت خلال الأسابيع الأخيرة خطوات إعادة التواصل بين سوريا وأفغانستان، في مشهد يعكس تقاطع المصالح وتطابق التجارب بين بلدين يواجهان عزلة دولية وتحديات داخلية عميقة. اللقاءات والاتفاقات التي أُبرمت تحمل في طياتها أبعاداً سياسية وأمنية واقتصادية، وسط اهتمام مشترك بفتح قنوات جديدة من التعاون في مرحلة ما بعد النزاعات.
لقاءات سياسية لبناء الثقة
أجرى وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، سلسلة لقاءات مع مسؤولين من الحكومة الأفغانية المؤقتة بقيادة “طالبان”، حيث جرى بحث سبل تطوير العلاقات الدبلوماسية والتنسيق في المحافل الدولية.
بحسب وكالة الأنباء العربية السورية “سانا”، أبدت دمشق دعمها لأي خطوات نحو الاستقرار في أفغانستان، وأكدت استعدادها لتطوير العلاقات على قاعدة السيادة والاحترام المتبادل.
التعليم واللغة: المنح والدورات المشتركة
اتفق الطرفان على تنشيط التعاون الأكاديمي والديني، لا سيما من خلال منح دراسية متبادلة بين الجامعات السورية والأفغانية في مجالات اللغة العربية والعلوم الإسلامية. كما تمت مناقشة تنظيم دورات تدريبية لأئمة وخطباء أفغان في المؤسسات الدينية السورية.
وفق صحيفة الثورة السورية، فإن هذه الخطوة تهدف إلى دعم التعليم الشرعي الوسطي وتعزيز الارتباط اللغوي والديني بين البلدين.
مكافحة التطرف: تبادل الخبرات الأمنية
بحث الجانبان سبل التعاون الأمني في ملف مكافحة الإرهاب والتطرف، خصوصاً في ضوء التحديات التي واجهها البلدان من تنظيمات مثل “داعش” و”القاعدة”.
بحسب وكالة أفغان برس، فإن دمشق عرضت نقل خبراتها الأمنية إلى كابل، في إطار دعم الاستقرار الداخلي ومواجهة التهديدات المشتركة.
اقتصاد ما بعد الحرب: ممرات وسلع
اقتصادياً، طرحت أفغانستان فكرة الانضمام إلى الممر البري العابر لإيران والعراق وسوريا، بهدف الوصول إلى موانئ المتوسط. كما ناقش الطرفان تبادل السلع، خاصة استيراد الفوسفات السوري مقابل تصدير الزعفران والحبوب الأفغانية.
وفق صحيفة الوطن السورية، فإن هذه المشاريع تهدف إلى تجاوز القيود الغربية عبر بناء شبكات إقليمية بديلة.
آفاق التقارب
يبدو أن دمشق وكابل تسعيان إلى تجاوز العزلة الغربية من خلال توسيع شراكاتهما شرقاً. ويُتوقع أن يستمر التنسيق في مجالات جديدة، منها الاتصالات والنقل الجوي، إضافة إلى تنسيق سياسي داخل منظمة التعاون الإسلامي.