مضر أبو الهيجاء يكتب: فلسطين قضية المسلمين لا تطرح في سوق النخاسة!
أوجاع لا تنتهي ونداءات اصلاح لا تكل ولا تمل

قبل 20 عاما تحدثت مع أحد المسؤولين الكبار في فلسطين، وقلت له بوضوح أن الربط بين القضية الفلسطينية والمشروع الإيراني المعادي لدول المنطقة وشعوبها وثقافتها سيتسبب لا محالة بإحداث فجوة بين القضية الفلسطينية وبين الشعوب العربية،
الأمر الذي سيعين الاحتلال الصهيوني على الاستفراد بالشعب الفلسطيني والأقصى، كما سيعين بعض حكام العرب اللئام المتصهينين على تحييد شعوبهم وإضعاف تفاعلهم مع القضية الفلسطينية وتشويهها واتهام القائمين عليها.
كان رد هذا المسؤول الكبير أن شيئا من هذا لن يحصل وأن علاقتنا مع الإيرانيين هي في جانب سياسي وبحدود مدروسة!
أزعجني جدا بطمأنينته واشتطت غضبا بسبب ضعف عقله وغبش رؤيته رغم حسن خلقه، فقلت له على الفور أنت تتكلم وكأنك الطرف الفاعل والوحيد، وأنت غائب الوعي عن أن الطرف الإيراني فاعل وقوي ومؤثر، ولن يتركك مهما تأكد من استغلالك له،
ثم سيستغبيك يطعمك ويشبعك حتى ينتهي بعزلك عن أمتك، وبعدها سيشطرك لنصفين ويشق الحركة التي هي ليست ملكك.
إيران أقوى وأخطر وأكثر مكرا ومن حافظ الأسد
وعليك أن تدرك أن إيران أقوى وأخطر وأكثر مكرا ودهاء من حافظ الأسد الذي استطاع أن يشق حركه التحرير الوطني فتح رغم كل قوة ودهاء ياسر عرفات.
بعد مضي عقدين على هذا الحوار بيننا، والذي أخذ ثلاث جولات منفصلة انتهت بعدم الاتفاق ولا أي وفاق،
أقول إن الأمرين المحذورين قد تحققا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ورغم انحراف المسار الفلسطيني السياسي، الا أن إسلامية وعدالة القضية الفلسطينية وباعتبار أن الأقصى جزء من عقيدة المسلمين،
فإن هذا سبب كبير ومحفز قوي على سرعة التدارك الواجبة لاسترداد المسار الصحيح لأشرف قضايا العرب والمسلمين.
إن أي خلاف بين أجنحة حماس داخليا لا ينبغي أن يضع القضية الفلسطينية في سوق النخاسة! وهو بجعلها بين خيارين،
فإما أن تكون إيرانية التوجه أو أن تكون أمريكية الهوى!
إن القضية الفلسطينية قضية الأمة العربية والإسلامية الأبرز والأهم، وهي سبب مهم في تحريك جماهير الأمة وتوحيدها،
وكذلك في تأليب الناس والجماهير على منكرات وظلم وخيانة حكام العرب المتواطئين.
حري بالمصلحين القلة المتبقين في قيادة حركة حماس أن يعيدوا توجيه البوصلة في اتجاهها الصحيح،
وقد من الله على الأمة جمعاء بزوال طاغية الشام وحلول مسلميها وأبناء شعبها الكريم في قصور الحكم بدمشق،
وهو ما يجعل الخيار الأصيل مطروحا ومتاحا في عودة القضية الفلسطينية سياسيا للأمة من بوابة دمشق العظيمة والمنتمية.
الأوضاع السياسية في دمشق
وإذا كانت ظروف المرحلة الراهنة في سورية لا تقبل تحميل القائمين والدولة الجديدة ما لا تطيق، فإن ما لا يدرك كله لا يترك جله،
وباعتبار أن المرحلة الحالية مرحلة انكسار في مسار القضية الفلسطينية،
الأمر الذي دعا الأخ موسى أبو مرزوق لطرح فكرة المفاوضات حول سلاح المقاومة الشرعية في غزه،
فإن الأولى في هذه الحالة تفهم الأوضاع السياسية في دمشق والصبر على أوضاعها، الأمر الذي يعزز الحفاظ على شرعية المقاومة
وأعاده صياغة التصور العربي والإسلامي الصحيح والاصيل نحوها،
ليبدع مقاربة جديدة في التعامل مع الاحتلال الصهيوني وداعميه ضمن موازنات الواقع الحالي والتي تحفظ الشعوب على أرضها.
إن الذي صبر أكثر من ثلاثة عقود على الإيرانيين الفاسدين المعتدين المحتلين والقتلة للموحدين في بلاد العرب والمسلمين ثم انتكس وخسر،
يمكن له أن يصبر 10 سنوات على إخوانه الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه في دمشق والعراق والقاهرة،
أما إن زاغ بصره عنهم يريد زينة الحياة الدنيا والحفاظ على مصالحه ومواقعه الحزبية، فهو في خسران مبين ولن يزيد القضية الفلسطينية إلا غرقا جديدا.
أوجه ندائي للقيادات الصادقة والحركات الفلسطينية العاملة قائلا لهم: إن قبلتكم الصحيحة هي دمشق وليست طهران ولا واشنطن،
لا سيما وأن فلسطين لم تكن في يوم من الأيام دولة، بل كانت ولا تزال جيبا هو من أهم جيوب الشام.
التعاون في البناء الإسلامي في دمشق
إن البناء الإسلامي البطيء والمتعسر في فلسطين، يجب أن يدفع أصحابه للتعاون في البناء الإسلامي في دمشق،
والتي يعتبر تعافيها شرطا أساسيا ومركزيا في تحرير القدس، الأمر الذي لا يتجاهله الا مغرض جاهل أو صاحب شهوة عمية أو عبودية لمفهوم السلطة.
فهلا نفض الجناح الأول عن قلبه وعقله غبار مشروع الولي الفقيه؟
وهلا نفض الجناح الثاني عن عقله وقلبه غبار المشروع الأمريكي العربي الدنيء؟
إن نموذج الشيخ رائد صلاح الناجح في حفاظه على الخط السليم في الحركة الإسلامية،
وذلك برفضه لدخول المسلمين في الكنيست الإسرائيلي وتحريمه للمشاركة في العملية السياسية في ظل الاحتلال،
دون احتراب مع شركائه المؤسسين للحركة الإسلامية،
هو نموذج يستحق الاقتداء والاهتداء من قبل المصلحين القلة المتبقين في هرم قيادة حركتي حماس والجهاد وكذلك حركه الفتح،
فهل ستجد تلك الدعوة وهذا النداء قلوبا تفقه وآذانا صاغية؟