مقالات

ممدوح إسماعيل يكتب: غزوة أحزاب الأمس واليوم (1)

 دروس لواقعنا من غزوة الأحزاب

فهل نستفيد؟

في عام (4 هـ) وبينما دولة الإسلام تستقر في المدينة

حدثت واقعة

1- علم النبي صلى الله عليه وسلم بخيانة يهود بنو النضير وتخطيطهم لاغتياله فقام بإخراجهم إلى خارج المدينة،

2- اليهود لم يشكروا النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لم يقتلوا جزاء الخيانة بل تحرك حقدهم وتوجهوا إلى الجزيرة العربية يوغرون الصدور لتجهيز أكبر جيش من كفار العرب وقتها لقتل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولاستئصال الإسلام والمسلمين ولتعود لهم السيادة في المدينة

ونجح اليهود في إقناع قريش وغطفان وبنو مرارة وأسد وأشجع ليتم لهم أعداد التحالف العربي الوثني ضد الإسلام

(الواقع يشهد تكرار التحالفات للقضاء على الإسلام تحت عنوان القضاء على الإرهاب ومنه ما يحدث من تحالف صهيو صليبي للقضاء على المسلمين في غزة)

3- توجهت جيوش التحالف نحو المدينة في جيش من عشرة آلاف مقاتل متحدين ضد الإسلام

(المشهد يتكرر أمريكا وروسيا وايران لا يجمعهم رابط أيديولوجي ولكنهم متحدين للقضاء على الإسلام

في العراق اتحد الشيعة والرافضة مع أمريكا الصليبية ضد المسلمين السنة وفى سوريا اتحد بشار البعثي العلوى مع الشيعة الرافضة مع روسيا الملحدة ضد الشعب السوري المسلم وفى مصر تجمعت جبهة الإنقاذ من مختلف الأفكار المتناقضة مسيحي وشيوعي وناصري وليبرالي وعلماني وعسكر موالين للغرب وذلك خشية ان يتطور حكم د مرسى الى حكم إسلامي مستقل)

4- في المدينة وصلت إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم تقارير المخابرات الإسلامية بمؤامرة اليهود والعرب وعدد الجيش المتوجه للمدينة

يؤكد ذلك الاجتماع الذي سجلته كتب السيرة قبل وصول جيش الأحزاب وحفر الخندق قبل وصول جيش الكفر

وما كان يتم ذلك إلا بمخابرات

 مما يدل على بذل النبي كل السبل في جمع المعلومات عن العدو

 حيث اسْتَشَارَ النبي الصّحَابَةَ، في كيفية المواجه؟

 وهو النبي المصطفى الذي يتنزل عليه الوحي من الله.

فأشار عليه سلمان الفارسي بحفر خَنْدَقٍ يَحُولُ بين العدو وَبَيْنَ الْمدينة وهي حيلة كان يستخدمها الفرس،

5- هنا درس نبوي للشورى

يختلف عن الديمقراطية ويفضح الفرق الذي وقع فيه غلمان أغوات الليبرالية

حيث تمت الشورى رغم وجود مصدر للعلم الحقيقي لا شك فيه وهو الوحي

ثم الشورى في أمور الدنيا والأسباب والحرب والرأي وليست في العقيدة ولا الحكم بشرع الله

(كما تفعل الديمقراطية وتقدم حكم الشعب على حكم الله)

ثم قبول الشورى من أعظم انسان عرفته البشرية ليؤكد على فرض الشورى ووجوب تفعيلها وأن استبداد الحكام والجماعات والأمراء وقادة التنظيمات ليس من دين الله.

6- وهنا ننتقل إلى وقفة

 الاجتماع فيه كبار الصحابة والمهاجرين والاوس والخزرج والرجل منهم بأمة من الناس وعندما تكلم سلمان الفارسي وهو الأعجمي الغريب عن جنس العرب

 استحسن النبي فكرته

 لم يقل واحد منهم من هذا الفارسي؟

 او احتقر الفكرة؟

أو اخذ يشكك في سلمان ويبحث عن أي شيء ينال منه أو يتقول عليه انه يريد قيادة ونحن المهاجرون والانصار القادة والنسب والحسب!

وهو من خارج جماعة الأنصار وجماعة المهاجرين وانه فارسي ليس له جماعة كما يحدث في ايامنا هذه

لم يحدث ذلك ابدا

بل الكل افتخر بسلمان، فقال المهاجرون: سَلْمَانُ مِنّا؛ وَقَالَتْ الأنْصَارُ: سَلْمَانُ مِنّا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ – صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- سَلْمَانُ مِنّا أَهْلَ الْبَيْتِ [ابن هشام 2 / 224]

 نال سلمان أعظم تكريم من النبي وممن حوله وهى اشارة للاهتمام بكل صاحب رأي وفكر وإبداع لصالح الإسلام والافتخار به وتكريمه

وليس محاربته كما يتم الآن تحت زعم الحرص على التنظيم!!!!_.

هذه هي سمة بيئة الشورى في المجتمع الإسلامي بيئة تجذب وتحتضن أصحاب العقول والمواهب والأفكار. وليست بيئة إقصاء طاردة للعقول قاتلة للفهم والرأي الحر المخلص من اجل المصالح الشخصية والمجاملات

7- على الفور أصدر النبي – صلى الله عليه وسلم – قراره بحفر الْخَنْدَقَ حول الْمَدِينَةِ،

فكرة المشروع من مسلم فارسي والقرار من أعظم نبي وانسان محمد صلى الله عليه وسلم والتنفيذ من خير الناس الصحابة

 وقد شارك صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ -بنفسه- مشاركة عملية بالحفر وتَرْغِيبًا لِلْمُسْلِمِينَ فِي العمل والأجر، وتحميسًا لهم، وتواضعًا منه -صلى الله عليه وسلم- فلا يليق بالقائد (والحاكم والأمير والمدير) المسلم أن يجلس في رغد وجنوده يعملون ويكدون ويتضاغون جوعًا بل ويرتعدون من البرد في أعمال الحفر

كل ذلك يتم وجيش الكفر للأحزاب لم يصل بعد

أتوقف مع قواعد وقع فيها خلل كبير من الإسلاميين المعاصرين في المواجهة مع الأعداء

أولا: استباق خطط الأعداء فرض واجب على الجماعة المسلمة

وان العمل والاستعداد لمواجه العدو فرض واجب على الجماعة المسلمة

ثانيا: التفكير في مواجهة العدو بحكمة فلم يجلس النبي مع الصحابة مستصغرين قوة العدو تحت زعم نحن الجماعة الكبيرة صاحبة العقيدة الحق واستصغروا عدوهم

 أو غير مبالين بما سيحدث اعتمادا على شرعية دولة المدينة المؤيدة من الله ووجود نبيه صلى الله عليه وسلم معهم

ثالثا: لم يتم الاعتماد على الحماس وحده للمواجهة وفتحوا صدورهم للقتال غير مبالين معتمدين على أنهم أهل الحق والعدو على باطل

وقالوا فليأتي الكفار لنا سنجعل المدينة قبرا لهم

رابعا: تقدير قوة العدو حكمة

لذلك جلس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفكرون كيف نواجه ونخطط مع معرفة بقوة العدو بدون تقليل لخطورته أو تفخيم حماسي لقوتهم أو الرضوخ والسعي للتفاوض مع العدو وتقديم تنازلات

ثم تم العمل في سبل المواجهة

وأخيرا: واختاروا أن يمنعوا جيش الكفار من دخول المدينة تمامًا وحفروا خندقا بعيدا عن مناطق السكان تماما لمنع دخول الكفار إلى المدينة التي تجمع نساء وأطفال والدخول إليهم يمثل ثغرة كبيرة توهن المسلمين فلابد من منعهم

يتبع

ممدوح إسماعيل

كاتب ومحامي مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى