تقارير

هذه قيمة فاتورة تدخل نظام الملالي في سوريا خلال العقود الأربعة الماضية

انخراط النظام الإيراني المثير للجدل في سوريا، الذي يُمثل سياسة مُكلفة لتحقيق طموحاته العسكرية، خلّف آثارًا عميقة على اقتصاد البلاد وحياة مواطنيها.

ونحاول هنا تسليط الضوء على التكلفة المالية لهذه السياسات في سوريا، موضحًا العبء الذي تتحمله الأسر الإيرانية والتداعيات الأوسع لهذه النفقات.

وحوّل النظام الإيراني سوريا إلى مركز لتوزيع الأسلحة والذخيرة والقوات إلى جماعات تابعة له في غزة، ولبنان واليمن والعراق. ونتج عن هذه الاستراتيجية نزاعات مستمرة وسفك للدماء، بهدف الحفاظ على بقاء النظام. يمكن تلخيص هذه السياسة بجملة واحدة: «سياسة الجريمة».

ولكن ما هي التكلفة التي تحملها المواطنون الإيرانيون؟ الأعباء الاقتصادية كانت هائلة، حيث تم تحويل موارد ضخمة من قطاعات حيوية مثل التعليم والرعاية الصحية والصناعة والزراعة لتغطية هذه السياسات.

صلاح جديد والأسد

ولفهم حجم الإنفاق الذي قام به النظام الإيراني في سوريا، يمكن الرجوع إلى الأدلة الموثقة وفي مقدمتها قروض ودعم مالي غير مصرح به حيث  :

صرّح بهرام بارسائي، وهو برلماني سابق، قائلاً: “خلال فترة وجودي في البرلمان، بلغت ديون بشار الأسد للنظام الإيراني 30 مليار دولار، ولم تتم الموافقة عليها من البرلمان، ما يشكل انتهاكًا للمادة 80 من الدستور.” وعند احتساب سعر الصرف بـ 70 ألف تومان للدولار، يعادل ذلك 2.1 كوادريليون تومان.

كما قدم نظام الملالي رواتب نقدية للمقاتلين السوريين وفقًا لتقرير صدر عام 2019 عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، تدفع قوات الحرس الإيراني للمقاتلين السوريين 100 دولار شهريًا، ولأولئك في الخطوط الأمامية 150 دولارًا

ولا يمكن في هذا السياق تجاهل شحنات النفط إلى سوريا ففي 14 مارس 1982، أشار علي أكبر هاشمي رفسنجاني في مذكراته إلى منح مليون طن من النفط الخام مجانًا إلى سوريا تحت ذريعة “المشاركة في الجهاد ضد إسرائيل

كما قدم نظام الملالي مساعدات مالية ونفطية سنوية لنظامي حافظ وبشار الأسد في 8 ديسمبر 2024: «في 23 مايو 1984، بدأت مناقشة مشروع قانون بيع النفط إلى سوريا في جلسة علنية ببرلمان النظام.

وأثناء المناقشة، كشف علي أكبر معين‌فر، عضو البرلمان آنذاك ووزير النفط الأسبق في الحكومة المؤقتة للجمهورية الإسلامية، عن حقيقة صادمة، حيث قال إن النظام كان يقدم نحو سبعة ملايين برميل من النفط سنويًا مجانًا وبدون موافقة البرلمان إلى حكومة حافظ الأسد (والد بشار الأسد).»:

. فيما أشارت وكالات أنباء وتقارير متطابقة إلي مليارات الدولارات التي قدمت للنظام البعثي كمساعدات مالية حيث نقل ، اً عن ستيفان دي ميستورا، المتحدث باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أن النظام الإيراني يقدم سنويًا 6 مليارات دولار كمساعدات مالية لحكومة بشار الأسد.

البرلمان الايراني

في الوقت نفسه، أشار نديم شهادي، مدير مركز دراسات الشرق المتوسط “فارس”، في تصريحات لـ بلومبرج، إلى أن النظام الإيراني قدم بين عامي 2012 و2013 مساعدات عسكرية واقتصادية للنظام السوري تتراوح قيمتها بين 14 و15 مليار دولار.

من جانبها أفادت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية، نقلاً عن مركز أبحاث تابع لـ دي ميستورا، أن “النظام الإيراني يقدم سنويًا 35 مليار دولار كمساعدات مالية لحكومة بشار الأسد. هذا الرقم يعادل ثلاثة أضعاف الميزانية العسكرية الرسمية للجمهورية الإسلامية”.

وبدوره نقل موقع اعتماد أونلاين،7 مارس 2020عن حشمت الله فلاحت بيشه، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، قوله: «لقد قدمنا لسوريا ما بين 20 إلى 30 مليار دولار، وعلينا استرداد هذه الأموال. هذه الأموال تخص الشعب الإيراني، وقد تم إنفاقها هناك.»

موقع درستي‌سنجي قال في ، 17 ديسمبر 2024: وفقًا لتقرير نشره موقع غرفة تجارة طهران استنادًا إلى بيانات الجمارك الإيرانية، إن قيمة التجارة الخارجية بين طهران ودمشق في عامین  2023-2024 بلغت حوالي 175 مليون دولار، منها ما يقارب 140 مليون دولار تمثل صادرات إيران إلى سوريا.

وذكرت وكالة أنباء “إرنا” في تقرير نشر عام 2006 أن القيمة الإجمالية للمشاريع الصناعية المختلفة التي نفذتها شركات تابعة للنظام الإيراني في سوريا بلغت 900 مليون دولار. تضمنت هذه المشاريع إنشاء مصنع أسمنت، وصوامع خرسانية لتخزين الحبوب، وتطوير وتحديث محطة توليد الكهرباء في بانياس، وإعادة تأهيل مصفاة بانياس، ومشاريع لنقل الطاقة، وخط إنتاج سيارات “سمند”.

باستخدام الرقم المحافظ البالغ 6 مليارات دولار سنويًا كمساعدات مباشرة لسوريا بين 2012 و2022، یكون النظام الإيراني قد أنفق ما لا يقل عن 60 مليار دولار خلال عشر سنوات.

وبمتوسط 24 مليون أسرة خلال هذه الفترة، تبلغ حصة كل أسرة من هذه النفقات 2500 دولار. وعند احتساب سعر الصرف بـ 70 ألف تومان للدولار، تصل حصة كل أسرة إلى 175 مليون تومان.

وهذا الحساب لا يشمل التكاليف الإضافية، مثل شحنات النفط المجانية والاتفاقيات التجارية غير المتكافئة.

هل يمكن أن يعود بشار الأسد ونظامه للحكم؟

وقد أدت إعادة توجيه الموارد للحفاظ على نظام الأسد إلى آثار كارثية على الاقتصاد المحلي الإيراني. الاستثمارات التي كان يمكن توجيهها إلى المدارس والجامعات والمصانع والزراعة والمبادرات البيئية، أُنفقت على حرب خارجية. وقد أدى هذا التوجه إلى تفاقم التضخم والفقر والبطالة وعدم المساواة الاجتماعية.

وتؤكد الإحصائيات الثمن الباهظ لهذه السياسة: تزايد عدد الأطفال العاملين، وتسرب الطلاب من المدارس، وهجرة العقول، إلى جانب توسع العشوائيات.

وتمثل هذه النفقات خيانة للشعب الإيراني، الذي تم التضحية باستقراره الاقتصادي لتمويل مغامرات عسكرية خارجية وبالإضافة إلى الفشل السياسي والاستراتيجي في سوريا، حيث تُظهر هذه الأرقام ضرورة تحقيق العدالة والمحاسبة

. ومع تصاعد الأزمات الداخلية، تزداد المطالب الشعبية بالشفافية والمساءلة، مما يضع النظام الإيراني أمام تحديات غير مسبوقة.

وتُظهر التكلفة المذهلة لسياسات النظام الإيراني في سوريا نظامًا يفضل بقاءه على رفاهية مواطنيه. ومع تفاقم الصعوبات الداخلية، يُرجح أن تزداد المطالب الشعبية بالمحاسبة، مما قد يمثل لحظة محورية في السعي لتحقيق العدالة للشعب الإيراني

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى