الأمة : حالة نادرة وغير مسبوقة أن يقوم مسؤول في دولة أجنبية بشتم مواطني دولة أخرى، ووصفهم بالعمالة وتلقي الرشاوى من دولة أجنبية على منبر مجلس منتخب مباشرة من هؤلاء المحتجين.
كان ذلك حينما وصف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال خطابه يوم الأربعاء (24 تموز/يوليو)، أمام الكونغرس، المحتجين الأمريكيين ضد الحرب في غزة بأنهم “أغبياء عليهم أن يخجلوا من أنفسهم”.
ثم عاد وأضاف تهمة جديدة لهم قائلا “على حد علمنا، فإن إيران تمول الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل التي تجري الآن خارج هذا المبنى”، ولفت إلى التصريح الأخير لمديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أفريل هاينز بأن “إيران تحاول إثارة الاحتجاجات سرا في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالحرب في غزة”.
وكانت هاينز قالت “أريد أن أكون واضحة بأنني أعرف أن الأمريكيين الذين يشاركون في الاحتجاجات يعبرون، بحسن نية، عن آرائهم بشأن الصراع في غزة”، مضيفة أن “هذه المعلومات الاستخبارية لا تشير إلى خلاف ذلك”،
وردا على مزاعم نتنياهو، قالت الناشطة اليهودية المعروفة على نطاق واسع بملابسها الزهرية الوردية اللون الدكتورة ميديا بنيامين في حسابها على منصة “إكس” وصَفنا نتنياهو “في خطابه المثير للاشمئزاز في الكونغرس، نحن المتظاهرين، بأغبياء إيران التابعين. بالنسبة لجميع أعضاء الكونغرس الذين صفقوا لمجرم الحرب، فإننا نسميكم بلهاء نتنياهو التابعين. عار عليك” وفق تدوينتها.
وأكد سفير السلطة الفلسطينية في لندن حسام زملط في تصريحات لمحطة “بي بي سي” بأن الأمر “لا يتعلق بكذب نتنياهو المرضي أو خطاب الكراهية، بل يتعلق بالكونغرس الأمريكي الذي يسمح له بإهانة ملايين الأمريكيين وتحويل مبنى الكابيتول إلى سيرك. إنه يوم حزين لمكانة الولايات المتحدة في المنطقة، وفي جميع أنحاء العالم”.
وأثار العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة على غزة، احتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وخاصة في الجامعات، حيث أعرب ملايين الأمريكيين عن فزعهم من حجم الخسائر في صفوف المدنيين التي تسببت فيها جيش الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وكانت تلك الاحتجاجات مثيرة للانقسام إلى حد بعيد على المستوى الداخلي الأمريكي. وحذر المسؤولون الأمريكيون، بما في ذلك هاينز، علنا من أن “جهات فاعلة في الحكومة الإيرانية سعت في الأسابيع الأخيرة إلى الاستفادة بشكل انتهازي من الاحتجاجات المستمرة بشأن الحرب في غزة”.
لكن نتنياهو لم يتوقف عند مهاجمة المظاهرات المناوئة لزيارته، بل إنه هاجم مظاهرات عائلات الأسرى المحتجزين في غزة، وقال في تصريح صحفي إن “احتجاجات عائلات المخطوفين لا تفيد، بل تزيد مطالب حماس، وتؤخر استعادتهم”.
وليست هذه المرة الأولى التي يهاجم فيها نتنياهو، المظاهرات فقد سبق أن قال إن “معاداة السامية تسيطر على الجامعات الأمريكية، وتدعو لتدمير دولة إسرائيل، ويجب إدانة ذلك”. وأضاف زاعما بأن “الهجمات المعادية للسامية في الجامعات الأمريكية تذكرنا بألمانيا في الثلاثينيات”، في إشارة إلى الحركة النازية.
وقال الناشط والكاتب والسياسي الفلسطيني أدهم إبراهيم أبو سلمية، إن نتنياهو “هاجم المتظاهرين ضد الإبادة الجماعية في أمريكا أكثر مما هاجم إيران، هل تعلمون لماذا؟! لأنه يعلم جيدا حجم وأهمية معركة الوعي، هو يدرك أهمية حراك الشارع وأهمية حراك الجماهير ومدى تأثير ذلك عليه، وعلى كيانه الزائل”.
وعقب منتج البرامج الوثائقية والكاتب والصحفي الأردني فؤاد حسين على مهاجمة نتنياهو الحراك الأمريكي المعارض للدعم الأمريكي للاحتلال ولحرب الإبادة في غزة بقوله “نتنياهو يدرك تماما أن الحركة الصهيونية تفقد سيطرتها على الأجيال الشابة وهي بداية نهاية الهيمنة الصهيونية على أميركا والغرب بشكل عام لذلك ركز في خطابه على تشويه هذا الحراك والتحريض ضده”.
نتنياهو يعرف تماما أنه يخسر معركة الوعي والعلاقات العامة، وكان هذا واضحا في خطابه الذي شن فيه هجوما غير مسبوق على متظاهرين أمريكيين وطنيين سلميين. والغريب أن أعضاء الكونغرس صفقوا لرجل من دولة أجنبية، وهو يشتم ناخبيهم ومواطني وطنهم.