“وَالعَرَبُ العَرباءُ أَصلَبُ نَبعَةً”.. شعر: الزمخشري
عَنِ العَرَبِ الصّيدِ الألى أَحرَزوا العُلى
وَطابَت لَهُم أَعراقُهُم وَالمَغارِسُ
غَطارِفةٌ شُمٌّ تَرَبّوا أَعِزَّةً
فَما شَمَّ ريح الذُلِّ مِنهُم معاطسُ
وَالعَرَبُ العَرباءُ أَصلَبُ نَبعَةً
وَهَل يَستَطيعُ الحَزَّ في النَبعِ ضارِسُ
فَيا أُمَّةً لو يَشعرُ الصَّخر بِالَّذي
تمارسُ ضَجَّ الصَّخرُ مِمّا تُمارسُ
إِباء إِباء الخَيلِ وَهيَ شَوامِسٌ
وَصَبرٌ كَصَبرِ الخَيلِ وَهيَ هَوامِسُ
وَما نالَ مِنهُم في الهَزاهِزِ كُلِّها
فَوارِس هَيجا أَم لُيوث فَوارِسُ
فَكَم طَعنَة بكرٍ يَطيرُ رَشاشُها
لِفِتيانِهِم وَالحَربُ شَمطاءُ عانِسُ
وَيَكفيكَ مِن أَيّامِهِم وَحُروبِهِم
بِما جَرَّتِ الغَبراءُ أَو جَرَّ داحِسُ
وَهُم فَرَسوا أَبناءَ فارِس كُلّهِم
بِأَنيابِهِ وَهيَ الرِماحُ المَداعِسُ
وَهُم سَلَبوا التيجان هامَ مُلوكهُم
وَلَم يَقطَعوا عَنهُم وَفارس فارِسُ
وَأَيّ سَخاءٍ يُدَّعى كَسَخائِهِم
بِما مَلَكوا وَالجَوُّ أَغبَر عابِسُ
بِأَسيافِهِم يَمرونَ سوقَ عِشارِهِم
إِذا نَزَلَ الأَضيافُ وَالضَرعُ يابِسُ
وَإِن تَستَعِذ مِنهُم بِأَعظَم مَيِّتٍ
فَذَلِكَ حِصنٌ مانِعٌ لَكَ حارِسُ
إِذا اِعتَقَلَت كَفّاكَ فيهِم بِذِمَّةٍ
فَخصمُكَ فَلَّ ناكِص عَنكَ ناكِسُ
وَأَعراضهم أَعراقهم وُكِّلَت بِها
مُهَيمنَةً حَتّى اِتّقَتها المَدانِسُ
وَعَن صهرِ كِسرى صَدَّ نُعمان باوه
فَخَنقهُ في خانِقين الفَوارِسُ
وَهانَ عَلَيهِ يَومهُ قَبلَ ساعَة
يُكابِدُ فيها صِهر مَن لا يُجانسُ
وَقُل هَل فَشا في الأَرضِ غَيرُ لِسانِهِم
لِسانٌ فُشوَّ الضَوء وَاليَوم شامِسُ
بِهِ عَجَّ في أَمصارِها كُلِّ مِنبَرٍ
وَطَنَّت بِهِ الخافِقينَ المَدارِسُ
عَلى ظَهرِها لَم يَخلقِ اللَهُ أُمَّةً
تُناسِبُهُم في خصلَةٍ أَو تُلابِسُ
يُقايِسُ بَينَ الناسِ حَتّى إِذا اِنتَهى
إِلى العَرَبِ القيّاس طاحَ المقايِسُ
وَواحِدَة تَكفيكَ هاتيكَ حجَّة
بِساطِعِها تَنشَقُّ عَنكَ الحَنادِسُ
أَجَلُّ رَسولٍ مِنهُم وَبِلسنِهِم
أَجَلّ كِتابٍ فَاِعتَبِر يا مَنافِسُ
وَقُل لِلشّعوبِيينَ إِنَّ حَديثَكُم
أَضاليل مِن شَيطانِكُم وَوَساوِسُ
لَكُم مَذهَبٌ فَسلٌ يُغَرُّ بِمِثلِهِ
أَشايبُ حَمقى لا الرِّجالُ الأَكايِسُ
———————————
أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري
من علماء العربية، وأئمَّة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب.
الميلاد: 18 مارس 1075، خوارزم
الوفاة: 12 يوليو 1143، جرجان، إيران
من علماء العربية، وأئمَّة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب.
كان الزمخشري معتزلياً في الأصول (العقيدة)، حنفياً في الفروع (الفقه)، وكان يجاهر بمذهبه (الاعتزال)، ويدونه في كتبه، ويصرح به في مجالسه. وكان إذا قصد صاحباً له استأذن عليه في الدخول ويقول لمن يأخذ له الإذن: قل له: أبو القاسم المعتزلي بالباب.
وقد بذل الزمخشري مجهوداً كبيراً في تفسيره في سبيل تفسير الآيات القرآنية على مقتضى مذهب الاعتزال وأصوله الخمسة، وهي: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
من مؤلفاته:
في اللغة والبلاغة: رغم أن الزمخشري كان فارسياً إلا أنه كان يفضل اللغة العربية، وألف فيها تآليف غنية، جاء في دائرة المعارف البريطانية في مادة الزمخشري: رغم أن بعض أعماله بالفارسية، إلا أنّه كان من المؤمنين بتفوق اللغة العربية ومن المعارضين للشعوبية.
ومن مؤلفاته في اللغة: أساس البلاغة، والمستقصى في الأمثال، والفائق في غريب الحديث، ومقدمة الأدب وهو قاموس من العربية للفارسية، والقسطاس في علم العروض.
في النحو: المفصل في صنعة الإعراب، والأنموذج، والمفرد المؤلف.
في الحديث: مشتبه أسامي الرواة.
في التفسير: تفسير الكشاف المشهور.
في الفقه: الرائض في علم الفرائض
في الزهد: أطواق الذهب في المواعظ، وكتاب النصائح.
في الجغرافيا: كتاب الأمكنه والجبال والمياه.
في الأدب : له مقامات يطلق عليها مقامات الزمخشري: تتكون من مقدمة، وخطبة، وخمسين مقالة. في المقدمة قدم نصائح لمن يتناول الكتاب بالتأني في قراءته والوقوف علي كل لفظ وتفهم المعاني الواردة. كما نصح بألا يقدم الكتاب إلا لعالم أو متدين أو أديب. كذلك طلب ممن يريد نسخ الكتاب أن ينسخه بخط جيد وأن يضع عليه اسم المؤلف كما طلب الدعاء له بالرحمة والرضوان.
وفي الخطبة صنع مدخلا للمقامات وجعلها أساسها هو نصيحة نفسه وذلك عندما أصابه مرض في شهر رجب سنة 512 هـ فأخذ عهدا علي نفسه إن شفاه الله من المرض، أن يسلك مسلك الجد وأن يبتعد عن السلاطين والأمراء ويقلع عن مدحهم والتماس العطايا منهم، وفي آخر الخطبة أخذ العهد علي نفسه أن يتعلم علوم القرآن والحديث والعلوم الشرعية. أما المقامات فقد نوع موضوعاتها بين الحكمة والوصايا والأدب والتاريخ
إلى غير ذلك من الكتب القيمة.. وأشهر كتبه على الإطلاق هما: تفسير الكشاف، وأساس البلاغة.