يسري الخطيب يكتب: الأخذ بالأسباب فريضة

سألَ جندي فرنسي، نابليون في معركة (واترلو):
هل اللهُ معنا نحن الكاثوليك.. أَم مع الإنجليز البروتستانت؟!
ردَّ نابليون: إن الله مع أصحاب المدافع الكبيرة!!
(واترلو.. معركة فاصلة وقعت في 18 يونيو عام 1815م، في قرية «واترلو» قُرب بروكسل عاصمة بلجيكا، وهي آخر معارك الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت وهُزِم بها هزيمة كبيرة غير متوقعة لقائد بخبرته، وهذا ما جعل الإنجليز يصفون فيما بعد الشخص الذي يعاني من حظ سيءٍ جدًا بأنه صادف واترلو)
ويقول الدكتور مصطفى محمود: إذا نزل مؤمن وكافر إلى البحر.. فلا ينجو إلا من تعلّم السباحة.. فالله لا يحابى الجهلاء.. فالمسلم الجاهل سيغرق، والكافر المتعلم سينجو.
– إنه قانون الأخذ بالأسباب:
الأخذ بالأسباب التي يقوم عليها نظام العالم، من أدركها وأحسن استخدامها تمكَّن من الاستفادة من خيرات الكون مهما كان دينه..
ولذا نرى بلادًا لا تدين بدين، ولكنها اجتهدت في (الأخذ بالأسباب) وحُسن استخدامها وتمكّنت من صدارة العالم في الاقتصاد والقوة.
– الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله، بل ذلك مما أمر الشرع به، مع الاعتقاد أنَّ الضر والنفع بيد الله سبحانه، وأنه هو الذي خلق الأسباب والمسببات.
– وقد قال أهل العلم: الأخذ بالأسباب عبادة، والاعتماد عليها شرك، ومن أخذ بالأسباب ولو كانت ضعيفة، ثم اعتمد على الله تعالى فقد امتثل،
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: الالتفات إلى الأسباب، واعتبارها مؤثرة في المسببات شرك في التوحيد، والإعراض عن الأسباب المأمور بها قدح في الشرع..
– قال ابن القيّم: لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله تعالى، وإن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، وإن تركها عجز ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا بد من هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً.
– قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
– يقول الشاعر أبو الهدى الصيّادي:
تَوَكَّلْ عَلَى الرَّحْمَنِ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ/
وَلا تَرْغَبَنْ فِي العَجْزِ يَوْمًا عَنِ الطَّلَبْ/
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِمَرْيَمٍ/
وَهُزِّي إِلَيْكِ الجِذْعَ يَسَّاقَطِ الرُّطَبْ/
وَلَوْ شَاءَ أَنْ تَجْنِيهِ مِنْ غَيْرِ هَـزَّةٍ/
جَنَتْهُ وَلَكِنْ كُلُّ شَيْءٍ لَهُ سَبَبْ/
(الشاعر التركي السوري: أبو الهدى الصيادي (محمد بن حسن الصيادي الرفاعي الحسيني) (1850م – 1909م) حلب)
– إن العبد إذا قصّـر في الأخذ بالسبب؛ عُـوقب بحرمان الثمرة
{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]
وقال تعالى: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ۚ{الأنفال:69}. والغنيمة اكتساب.
وقال: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ {الملك:15}.
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ {النساء:71}.
وقال: وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ {الأنفال:60}.