يسري الخطيب يكتب: الشاعر في براثن السياسة، و«لا» مصطفى أمين
– الشاعر الكبير «حمدي الحداد» الذي رحلَ عن الدنيا يوم 16 يونيو 2019م، اسمٌ يعرفه الشعراء جيدا، وندوات الأدب بالقاهرة طيلة عقود.. ولم تمنعه إلا (أمراض الشيخوخة) من حضور المنتديات الأدبية، فالشاعر القدير الراحل، كان على مشارف التسعين، أو تجاوزها، واعتكف في بيته من سنة 2015م، تقريبا..
– كان الشاعر الخلوق الراحل من الرائعين الذين عرفتهم عن قُـرب من سنة 1998م، فهو من سكان «حلمية الزيتون» ومن الأعمدة الرئيسة لندوات «صالون حلمية الزيتون الثقافي» التي تشرّفتُ بإدارتها لسنوات..
– كان عمّنا «حمدي الحداد» هادئا جدا، خفيض الصوت، دمث الخُلق..فهو حالة خاصة في الوسط الأدبي القاهري الصاخب دائما.. لا تشعر بوجوده في الندوة إلا إذا قال شعرا، وهو شاعر العامية والزجال المبدع، وما زلتُ وسأظل أحتفظ بقصيدته الكبيرة التي قالها في كاتب هذه السطور، وقد فاجأني بها في إحدى الندوات، سنة 2010م، بندوتنا بحلمية الزيتون…
– لا يعرف شعراء مصر عن «حمدي الحداد» إلا أنه الشاعر الكبير، وعضو رابطة الزجالين، ولكن الحداد -رحمه الله- كان (حدوتة) وألغاز، عجزتُ عن حلها حتى رحل عن الدنيا.
– كان «حمدي الحداد» في قلب الملعب السياسي أثناء حُكم عبد الناصر، وكان من سكرتارية عبد الحكيم عامر، وذهب مع عامر لسوريا فترة الوحدة المصرية السورية، كسكرتير خاص له، ويعرف جميع أسرار ما حدث هناك، وأسباب انفصال سوريا عن مصر، ولذا عاقبوه حيًّا، وفصلوه من عمله، وأعلنوا موته، وكان لا يأخذ معاشا ولا تأمينا، بل أنه ظل بلا بطاقة هويّة لسنوات..
– عندما عرفتُ من أحد الصحفيين في سنة 2005م، أن صاحب قصة «لا» التي كتبها مصطفى أمين، وأصبحَت مسلسلا تليفزيونيا، ما زال حيا، وهو شاعر.. فقلتُ على الفور: نعم أعرفه..
وبقيتُ لسنوات كلما قابلتُ الأستاذ «حمدي الحداد» منفردا، أسأله: هل أنت صاحب قصة «لا» التي كتبها مصطفى أمين؟!، ويظل يتهرّب من الإجابة، حتى قالها لي واضحة ذات مرة: «تقريبا»
ولا أعرف للآن، ماذا كان يقصد بكلمة: «تقريبا»
– هل قصة (لا) التي كتبها مصطفى أمين في فترة سجنه (1965م – 1974م) وأنتجها وأذاعها التليفزيون المصري، سنة 1994م، كانت تحكي عن بعض الأوراق من حياة حمدي الحداد، ومزجها مصطفى أمين بحياته الشخصية، ولذا كان «الحداد» لا يرى نفسه فيها…؟؟
– من معرفتي بالأستاذ حمدي الحداد، وما سمعته منه لسنوات، أكاد أجزم أنه صاحب 60% من القصة التي كتبها مصطفى أمين.
واللهُ أعلم
– اللهم اغفر لعبدك «حمدي الحداد» وارحمه، وتجاوز عن سيئاته، واجعله رفيق النبي (صلى الله عليه وسلم) في الجنة.