شهدت الساحة السياسية الدولية في الساعات الأخيرة جدلًا واسعًا حول ما وُصف بـ«تخلي الولايات المتحدة عن حليفتها قطر» بعد الضربة الجوية التي استهدفت وفد حركة حماس أراضيها، رغم استضافتها لواحدة من أكبر القواعد الأميركية في المنطقة. الحادثة أثارت تساؤلات متجددة حول نمط متكرر في السياسة الأميركية قائم على التحالف وفق المصلحة ثم التراجع أو التخلي عند تبدّل الأولويات.
التاريخ القريب يؤكد ذلك؛ فشاه إيران 1979 الذي كان يُنظر إليه كحليف استراتيجي لواشنطن انهار نظامه عام 1979 دون تدخل فعّال لإنقاذه. وفي أفغانستان ، جاء الانسحاب الأميركي عام 2021 ليترك الحكومة التي دعمتها واشنطن على مدار عقدين تواجه مصيرها بمفردها، لتسقط سريعًا بيد طالبان. أما في باكستان، فقد تكررت فترات التعاون والقطيعة، حيث رأت إسلام آباد أن واشنطن تستخدمها في صراعاتها ثم تقلّص الدعم مع تغيّر المشهد الدولي.
وفي المنطقة العربية، لم يكن الموقف الأميركي مختلفًا؛ فحسني مبارك في مصر وزين العابدين بن علي في تونس فقدا الدعم الأميركي عند اشتداد الاحتجاجات الشعبية عام 2011، رغم سنوات من الشراكة الوثيقة. حتى تركيا، العضو في الناتو، اتهمت واشنطن بالتقاعس خلال محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، ما أضعف الثقة بين الطرفين.
اليوم، تجد قطر نفسها أمام اختبار مشابه، إذ تبرز تساؤلات حول جدوى الرهان الكامل على الحماية الأميركية. ورغم تصريحات الدعم الرسمية، فإن الحادث الأخير أظهر أن واشنطن ليست دائمًا قادرة – أو راغبة – في حماية حلفائها من أفعال أطراف أخرى نافذة.
الحادثة أعادت النقاش حول ضرورة تنويع الشركاء وتعزيز القدرات الذاتية، خاصة في منطقة الخليج، حيث المصالح الاستراتيجية تتقاطع وتتصادم بسرعة، فيما تبقى الضمانات الأميركية مرهونة بحسابات السياسة والانتخابات في واشنطن أكثر مما ترتبط بالتزامات طويلة المدى.