أحمد سعد يكتب: نوري المالكي.. الصراخ على قدر الألم

مثّل سقوط النظام السوري المجرم صدمة لأطراف محلية وإقليمية ودولية، ولم يستفق منها بعض المكوّنات والشخصيات حتى الآن، وهذا ما جعلنا نرى أفعالاً حمقاء، وأعمالاً غير محسوبة، وتصريحات لئيمة حاقدة؛ من ذلك ما قاله رئيس الوزراء العراقي السابق، المجرم نوري المالكي، في مقطع متداول له على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ وصف إسقاط الأسد بـ«الفتنة»، واعتبر الثوار الذي حرّروا بلادهم «إرهابيين» زاعماً أن «إسرائيل» تُدير سوريا. ولم ينسَ المالكي أن يُجيِّش شيعة العراق على أهل سوريا بزعم أن الإدارة الجديدة ترتكب المجازر على أساس مذهبي ضد من وصفهم بـ«أتباع أهل البيت».
في الواقع، لا بد أن يصف المالكي الثورة السورية وما آلت إليه من دحر نظام الإجرام بالفتنة، إذ إنها استهدفت شقيقه في العمالة لأميركا، الأسد، وأحد أوتاد التحالف الطائفي ضد المسلمين في سوريا والعراق، والذي يشكّل المالكي ركناً أساسياً فيه، وكان له إسهام بارز في تسهيل إنشاء الميليشيات الطائفية التي شنّت حرباً شعواء على مسلمي الشام والعراق بحجة محاربة «داعش» و«الإرهابيين».
وهنا نذكّر بأن المالكي نفسه هو مَن سلّم مدينة الموصل لتنظيم الدولة، بهدف وسم المدينة بـ«الإرهاب» وتدميرها، إذ كانت المدينة -قبل تسليمها بأشهر- رأس حربة في الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت ضد حكومته الطائفة الفاسدة، حيث «نقل عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، عادل النوري، عن القائد السابق للقوات البرية العراقية، علي غيدان، اتهامه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بأنه هو من أصدر الأمر بالانسحاب من مدينة الموصل عام 2015»،
(الجزيرة 20/6/2015).
إن المالكي الذي زعم بأن «إسرائيل» تدير سوريا، هو الذي تعاون مع الكيان المحتل في استهداف العقول العراقية وقتل الخبرات في هذا البلد العظيم، فقد كشف وثائق حصلت عليها موقع ويكيليكس في عام 2015 عن تعاون المالكي مع إيران وأجهزة الاستخبارات الصهيونية (الموساد) للحصول على معلومات استخباراتية أدت إلى اغتيال 350 عالماً نووياً عراقياً، و80 طياراً عراقياً. فالمالكي يصدّر نفسه على أنه ضد الاحتلال الإسرائيلي، بينما هو يتخادم معهم، ويقدّم لهم المعلومات ضد أهل العراق، وهذا لا يُعد غريباً على مَن وصل إلى حكم بلاد الرافدين على الدبابات الأميركية.
كما أن المالكي كذب مرة أخرى حين قال إن هناك عمليات قتل بدافع مذهبي في سوريا.
والحقيقة أن هناك محاسبة للمجرمين، واستهداف للقتلة، الذين ارتكبوا المذابح بحق السوريين، طيلة السنوات الفائتة، وهذه الأعمال لا تقصد مكوّناً معيناً، وطائفة محددة، ولا تستهدف المدنيين أساساً، بل العسكريين والأمنيين على اختلاف مراتبهم وصفاتهم الوظيفية.
والواقع أن المالكي ينطبق عليه المثل العربي «رمتني بدائها وانسلّت»، فهو الذي ارتكب الجرائم بدافع طائفي، إذ اضطهد المسلمين السنة أبشع اضطهاد خلال سنوات حكمه، سواء قبل خروج قوات الاحتلال الأميركي أو بعدها، فقد اعتقل وعذّب الآلاف، وشكّل ما يُعرف بفرق الموت (التي دُرِّبت وسُلِّحت في إيران) لملاحقة معارضيه؛ وبحسب وثائق ويكليكس فإن «المالكي وجّه ميليشات مسلحة عسكرية لقتل وتعذيب مواطنين عراقييين، وأن سلطات الاحتلال الأميركي تغاضت عنه في بعض الأحيان وتستّرت على أعمال التعذيب الذي مارسته قوات الأمن العراقية، التابعة لوزارة الداخلية».
وقد كشف الشيخ حارث الضاري الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق عام 2013 أن «أكثر من خمسة آلاف امرأة ما زلن يقبعن في السجون الحكومية، وأن هناك 500 معتقلة عراقية في سجن الكاظمية وحده، أنجب الكثير منهن في السجون نتيجة الانتهاكات وعمليات الاغتصاب التي اقترفها جلادو المالكي ضدهن».
باختصار، هذا هو المالكي، عميل قذر، وطائفي وَسِخ، معادٍ للإسلام، ومحارب للشعوب. وإن صراخ هذا المجرم، ليدل على الإنجاز الكبير الذي حققته الثورة في سوريا.
على أمل تتويج هذا الإنجاز بإقامة نظام راشد، قائم على الإسلام، يكون لبنة لتوحّد قوى الأمة، واجتماع كلمتها، وكنس أتباع الاستعمار، حتى نُنسي المالكي وأضرابه الطائفيين وساوس الشيطان.
منتدى قضايا الثورة