إحسان الفقيه تكتب: لا ننافق قطر

نحنُ لا ننافق قطر ولا نتزلّف لحُكّامها أو لنظامها أو لحكومتها عندما نقول شكرا..
صدقا وحقا.. كل شيء في قطر تشعر أنه في مكانه الصحيح..
كل شيء مُرتّب مُسبقا لا مجال فيه للعشوائية والفوضى والارتجال..
من قطع الإشارة حمراء (مثلما فعلتُ قبل أسابيع) فعليه أن يدفع قيمة المخالفة (مثلما فعلتُ فور نزول المخالفة لتطبيق مطراش) لكي أحظى بخصم نصف المبلغ..
ثم تُحجز مركبته ولو كان ضابطا في المرور ولا مجال للواسطات أو المحسوبيات…
حين نقول شكرا قطر نقولها لأنها تستحق منّا كلمة شكر وذلك أقلّ واجب بل وتلك عاجل بُشرى المؤمن كما أخبرنا نبيّ هذه الأمة صلى الله عليه وسلم..
شكرا قطر لأنني شعرتُ بقيمة انتمائي لبلاد العرب حين دخلتُ في جواركِ واحتضنتني جدران بيوت أهلكِ الطيبين..
لا زالت البساطة رغم مظاهر الترف تملأ قلوبهم ونفوسهم وألفاظهم وتعبيراتهم (يا هلا ومسهلا.. ارحبو.. نورتونا..)
وجود الخادمات الكثيرات لا يعني أن تجلس صاحبة البيت مهما كان مقامها (أميرة دكتورة شيخة زوجة أمير أو وزير) لا يمنعها وجود الخادمات من أن تقوم وتحمل المبخرة وتُبخّر الضيفات ولا يمنعها ايضا من أن تصبّ لهُنّ القهوة وتملأ لهُن الأطباق مما لذّ وطاب..
ولا زالت صفات أهل المروءة تجري في عروقهم هُم وأغلب أهل الجزيرة العربية وما حولها ولا يغُرّنكم ما ترونه في السوشيال ميديا من بذاءة زبانية بعض الأنظمة فأهل تلك البلاد أيضا ليسوا بأقل مروءة وإحسان وفضل وأدب وأخلاق وانتماء لأخلاقيات العرب القدامى كما أهل قطر..
صديقاتي الفلسطينيات القديمات في قطر ممن جالستُهنّ هنا وشاركتهنّ أوجاع أمّتي وقضاياي الإسلامية، جميعهن أكّدن لي أنهنّ لم يُمارسن حقّهن في التعبير عن أوجاعهن ومُصابهنّ ولم يُسمح لهنّ بالتعبير عن فلسطينيتهنّ كما فعلن ذلك هنا في هذا البلد المُختلف في عُمقه وجذوره وفروعه عن أي بلد..
شكرا قطر لأنها عرفت كيف تستوعب الجميع وتحتضن الجميع وتحترم أوجاع الجميع ولا تستكثر على الناس أن يُعبّروا عن فرحهم ولهفتهم وعطشهم تجاه ما يُحبون وما ينتمون له أو يتوقون إليه دون دخول بالنوايا ودون تشكيك او شيطنة او اعتبار ذلك من الأمور التي تخرق النظام الأمني كما فعل ذلك بعض الحمقى والسفهاء في بعض الدول التي خسرت الجميع ورفضت الجميع وشيطنت الجميع وشككت بكل شيء وبكل أحد..
أنا أعتبره نوع من الثقة بالنفس.. نعم.. قطر دولة تثق بنفسها فعليا..
القانون هنا صارم وتطبيقه صارم وكنت أظن أن القطري او المشهور او المحبوب لدى القطريين مختلف عن غيره، ولكن بعد تجربة شخصية.. تأكّدت أن القانون يمشي على الجميع وهذا ورغم قسوته التي قد أستشعرها عند التطبيق لأنني ككل الخلق تطغى عليّ حظوظ النفس أحيانا.. إلا أنه يُريحني في بقية التفاصيل وفي تأمّل أيامي القادمة بإذن الله..
المشهد كله مُريح للنفس والقلب مجالس النساء طيلة أيام الأسبوع عامرة بالدروس والمواعظ والذكر وصلاة الجماعة
الداعيات مُكرّمات هنا
حافظات القرآن لهُن مكانتهن
المُحتشمات تُطفأ أضواء السيارات حين يعبرن الشارع نحو سياراتهن في حال كان أحدهم ينتظر أهل بيته أمام متجر أو مركز تجاري..
يفتنُ قلبي غضّ البصر هنا…
يملؤني فخرا وزهوا أن أسأل رجلا في مكان مقطوع لا أعرف كيف أمسك فيه خط الشمال وأعود لبيتي في مناسبة او تجمّع نسائي فيُحدثني ويدُلّني وهو لا ينظر في وجهي بل ويقول الحقيني ثم يغادر دون أن يُلوّح بيديه بعد أن يتأكد من أنني في مأمن..
المرأة لا تقف في طابور هنا.
يتم تقديمها دائما..
لا تُهان..
لا يُرفع عليها صوت أحد العاملين ولو كانت هي المُخطئة..
جلست في مجالس مختلف الجاليات العربية من فلسطينيين وأردنيين ومصريين وغيرهم..
الكُل يؤكد بأن هذا البلد مختلف عن أي بلد..
والله من وراء القصد..
إحسان الفقيه
الدوحة اغسطس ٢٠٢٤