
الأمة| بهدف تعزيز العلاقات مع الدول ذات الأغلبية المسلمة، استضافت وزارة الخارجية في كوريا الجنوبية حفل الإفطار السنوي لعام 2025 في سيول.
وأكد وزير الخارجية تشو تاي يول على أن التذكر والترابط والسلام هي مواضيع محورية في تصريحاته، مسلطا الضوء على العلاقات التاريخية والثقافية العميقة الجذور بين كوريا والعالم الإسلامي.
وفي حديثه أمام جمهور من الدبلوماسيين وقادة الأعمال وممثلي المجتمع الإسلامي، تحدث تشو عن تجاربه الشخصية مع شهر رمضان، مستذكراً فترة عمله كمستشار في السفارة الكورية في المملكة العربية السعودية قبل ثلاثة عقود.
وأكد تشو على أهمية التذكير خلال شهر رمضان، واصفًا إياه بأنه فرصة للمسلمين في جميع أنحاء العالم لتأكيد إيمانهم وارتباطهم بوطنهم وتراثهم. وأشار إلى المساهمات المهمة للحضارات الإسلامية عبر التاريخ، بما في ذلك تأثيرها على كوريا.
قال: “يمكنكم أن تجدوا بصماتهم في تاريخ كوريا أيضًا. تخيّلوا مدينة جيونجو، مقر قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ هذا العام. وبصفتها عاصمةً لألف عام خلال عهد سلالة سيلا القديمة، اكتشف علماء الآثار فيها آثارًا قطعت آلاف الكيلومترات من مناطق بعيدة مثل مصر وسوريا وآسيا الوسطى”.
كما سلط الضوء على دور التجار العرب في نشر اسم “كوريا” حول العالم خلال العصور الوسطى، ومساهمات المحاربين القدامى الأتراك خلال الحرب الكورية، الذين أنشأوا دار الأيتام في أنقرة في سوون لإيواء أيتام الحرب.
وقال تشو “إن هذا العمل النبيل وضع الأساس لنمو المجتمع الإسلامي الحالي في كوريا”.
وأكد سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى كوريا الجنوبية عبدالله سيف النعيمي عميد السلك الدبلوماسي العربي على قيم الوحدة والتسامح والاحترام المتبادل التي تدعم العلاقة بين كوريا والإمارات العربية المتحدة.
وفي كلمته، أعرب النعيمي عن خالص تقديره للقائمين على تنظيم الحدث، وأشاد بروح التكاتف التي جسدها التجمع.
قال: “رمضان شهر الرحمة والتسامح”، مضيفًا أن الشهر الفضيل يُذكرنا بالقيم المشتركة كالاحترام والتفاهم والسعي إلى السلام. وأشار إلى أن هذه المبادئ تُشكل جوهر العلاقة الوثيقة والدائمة بين كوريا والإمارات العربية المتحدة، وهي علاقة مبنية على الثقة المتبادلة والتعاون والتقدير الثقافي.
وألقى وزير الخارجية تشو تاي يول الكلمة الافتتاحية خلال حفل إفطار عام ٢٠٢٥ الذي أُقيم في سيول، يوم الثلاثاء. صورة من صحيفة كوريا تايمز بعدسة كيم هيون بين.
ألقى وزير الخارجية تشو تاي يول الكلمة الافتتاحية خلال حفل إفطار عام ٢٠٢٥ الذي أُقيم في سيول، يوم الثلاثاء. صورة من صحيفة كوريا تايمز بعدسة كيم هيون بين.
وفيما يتعلق بموضوع التضامن، أكد تشو التزام كوريا بتعميق العلاقات مع العالم الإسلامي، الذي يبلغ عدد سكانه نحو ملياري نسمة.
وقال “كما يوحد شهر رمضان العائلات والمجتمعات على الإفطار، فإن كوريا ملتزمة بتعزيز روابط الصداقة مع العالم الإسلامي”، مشيرا إلى الطاقة الشبابية والاقتصادات الديناميكية والموارد الوفيرة في المنطقة.
وسلط الضوء على علاقات كوريا المتنامية مع منظمة التعاون الإسلامي، والزيارات الدبلوماسية الأخيرة مع الإمارات العربية المتحدة وماليزيا وتركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان. وأشار إلى أنه في خطوة تاريخية، سافر وفد كوري إلى سوريا في وقت سابق من هذا العام للقاء كبار المسؤولين في الحكومة الانتقالية.
وأضاف “من خلال منصات مثل منتدى التعاون بين كوريا وآسيا الوسطى، ومنتدى التعاون بين كوريا والشرق الأوسط، والقمة بين كوريا وأفريقيا، سنواصل السعي إلى التعاون المستدام وتعزيز الرخاء المتبادل”.
كما أعرب عن تقديره للسفراء والقادة المسلمين في كوريا والعلماء وقادة الأعمال الذين عملوا على التقريب بين كوريا والعالم الإسلامي.
وفي معرض حديثه عن الصراعات العالمية، أكد تشو على الارتباط العميق بين الإسلام ومفهوم السلام، مشيرا إلى أن الكلمتين العربيتين “الإسلام” و”السلام” تشتركان في نفس الجذر.
قال: “للأسف، المشهد العالمي اليوم بعيد كل البعد عن السلام. فمنذ العام الماضي، استمرت الصراعات حول العالم بلا هوادة، مما جلب المعاناة لأعداد لا تُحصى من الأبرياء”.
وأكد التزام كوريا بالجهود الإنسانية، مشيرًا إلى المساعدات التي قدمتها لفلسطين وسوريا واليمن والسودان العام الماضي. كما أشار إلى دور كوريا في تعزيز الاستقرار العالمي من خلال عضويتها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وفي ختام كلمته، استشهد تشو بكلمات الشاعر الإسلامي جلال الدين الرومي في القرن الثالث عشر: “الجرح هو المكان الذي يدخل منه النور إليك”.
بينما نحمل في قلوبنا ذكرى الأرواح التي لا تُحصى التي تأثرت بالصراعات، ألجأ إلى كلماته طلبًا للسلوان والحكمة، قال: “أرجو أن يكون رمضان هذا العام موسمًا للذكرى والتكاتف، والأهم من ذلك، موسمًا للسلام”.