تأتي الإجراءات الأخيرة التي اتخذها رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، لإخضاع مجمع معيتيقة لسلطة حكومته كجزء من صراع أوسع على النفوذ في العاصمة طرابلس، بين المؤسسات الرسمية والأجهزة الأمنية والعسكرية التي تتقاسم السيطرة على المرافق الحيوية.
خلفية الاتفاق الأمني
الاتفاق الأمني الذي رعته أطراف داخلية بدعم إقليمي، شكّل محاولة لخفض التصعيد بين حكومة الدبيبة و”جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة”، الذي كان يسيطر لسنوات على المطار والقاعدة الجوية والسجن المركزي داخل مجمع معيتيقة.
ونص الاتفاق على انسحاب قوة الردع من المطار وتسليمه إلى كتيبة محايدة، مع نقل تبعية السجون إلى وزارة العدل، وتعيين آمر جديد للشرطة القضائية، بما يعيد بعض مظاهر السيادة القانونية إلى مؤسسات الدولة.
دلالات سياسية وأمنية
خطوة الدبيبة تحمل رسائل متعددة:
-
تعزيز سلطته: عبر سحب ملفات حساسة مثل السجون والمطارات من أيدي تشكيلات مسلحة وضمها لوزارتي الدفاع والعدل.
-
تقييد قوة الردع: التي مثلت لسنوات ذراعاً أمنية قوية خارج سيطرة الحكومة المباشرة.
-
إبراز الحضور الدولي: حيث إن الملف يحظى بمتابعة الأمم المتحدة ودول إقليمية تدفع نحو مؤسسات أمنية موحدة.
لكنها في الوقت نفسه تكشف هشاشة التوازنات، خصوصاً بعد الخلاف العلني مع المجلس الرئاسي حول تعيين اللواء عبد الفتاح دبوب رئيساً لجهاز الشرطة القضائية، في ظل تكليف المجلس شخصية أخرى.
مستقبل الصراع على النفوذ
يبقى ملف معيتيقة اختباراً حقيقياً لقدرة حكومة الدبيبة على فرض سيطرة مركزية على المؤسسات الأمنية في العاصمة.
فالمجمع لم يكن مجرد منشأة مدنية أو عسكرية، بل عقدة أمنية واقتصادية وسياسية، تجمع المطار المدني والقاعدة الجوية والسجن المركزي، ما جعله مركزاً للصراع على الشرعية والنفوذ.
وعلى الرغم من الخطوات الحالية، فإن نجاح تنفيذ الاتفاق يعتمد على مدى التزام جهاز الردع ببنوده، وعلى قدرة حكومة الوحدة والمجلس الرئاسي على تجاوز الخلافات الداخلية، إضافة إلى الضمانات الإقليمية والدولية التي تُبقي الأطراف تحت سقف التهدئة.