المغرب يوقف استيراد المنتجات المصرية ويتسبب في خسائر للمصدرين

الأمة| علقت السلطات في المملكة المغربية بشكل مفاجئ كافة الصادرات المصرية، في انتظار محادثات بين وفد مصري ومسؤولين مغاربة.
وواجهت الصادرات المصرية إلى المغرب اضطرابا غير متوقعا بعد أن أوقفت السلطات المغربية دخولها إلى الموانئ المحلية. وأثارت الخطوة المفاجئة ارتباكا كبيرا بين المصدرين المصريين، وخاصة في قطاعي الزراعة والأغذية حيث تكون المنتجات ذات مدة صلاحية محدودة ولا تتحمل التأخير الطويل.
المغرب يوقف الاستيراد من مصر
أعرب عدد من المصدرين المصريين في تصريحات لـ«الأهرام ويكلي» عن اندهاشهم وإحباطهم من القرار، مؤكدين أنه جاء دون سابق إنذار أو مبرر. في الوقت نفسه، تواصل مصر استيراد السيارات المغربية، وخاصة موديلات رينو، في إطار الاتفاقيات التجارية الثنائية الموقعة بين البلدين.
وقال وليد جمال الدين عضو مجلس إدارة المجلس التصديري لمواد البناء والصهر والمعادن، إن هذه ليست المرة الأولى التي تفرض فيها السلطات المغربية قيوداً على بعض المنتجات المصرية.
لكنه قال إن الوضع الحالي مختلف، حيث تم منع كافة الشحنات المصرية دون سابق إنذار.
وتشمل الصادرات المصرية إلى المغرب السيراميك والمنتجات الغذائية والخضروات والفواكه والحديد والأسمنت والفحم والسلع الزراعية والأجهزة الكهربائية. وأثار التوقف المفاجئ لهذه السلع مخاوف بشأن تأثيرها الاقتصادي المحتمل على المصدرين المصريين ومستقبل العلاقات التجارية بين البلدين.
قرار يخالف اتفاقية أغادير
وفي محاولة لحل الأزمة، توجه وفد مصري إلى المغرب لإجراء محادثات، السبت، مع مسؤولين مغاربة، بهدف التوصل إلى حل سريع وضمان عودة الصادرات المصرية إلى السوق المغربية.
وأكد جمال الدين أن هذا الإيقاف يخالف الاتفاقيات التجارية بين البلدين، ومنها اتفاقية أغادير التي تضم مصر والأردن والمغرب وتونس، والتي تسمح بالتجارة الحرة بين الدول الأعضاء، بشرط أن تكون نسبة المكونات المصنعة محليا لا تقل عن 40%.
ورغم عدم تقديم أي سبب رسمي لإيقاف الاستيراد، يشتبه خبراء الصناعة في أن اختلال التوازن التجاري بين مصر والمغرب قد يكون عاملاً رئيسياً. ففي عام 2024، بلغت الصادرات المصرية إلى المغرب نحو مليار دولار، في حين بلغت واردات مصر من المغرب، وخاصة السيارات، 80 مليون دولار فقط.
ويرى جمال الدين أن هذه الفجوة التجارية فرضت ضغوطا على الصناعات المغربية التي تكافح من أجل المنافسة مع المنتجات المصرية التي تقدم جودة أعلى بأسعار أقل. وتقدر أسعار السلع المصرية بنحو 20 إلى 30 في المائة أقل من نظيراتها المغربية أو الأوروبية.
وأضاف جمال الدين أن ارتفاع تكاليف الإنتاج في المغرب، بسبب نقص العمالة الماهرة، وارتفاع الأجور، وعدم وجود قاعدة صناعية متكاملة، يزيد من تفاقم الوضع، ويجعل من الصعب على الشركات المغربية المنافسة.
المغرب وجهة تصديرية رئيسية لمصر
ويأتي النزاع بعد أسابيع من إعلان نزار أبو إسماعيل، رئيس مجلس الأعمال المصري المغربي، عن خطط لإقامة أربعة مشاريع صناعية مصرية كبرى في المغرب.
ومن المقرر إطلاق المشاريع في عام 2025 باستثمارات إجمالية قدرها 200 مليون دولار، وتركز على قطاع الأغذية والمشروبات، والمناطق الصناعية، وإنتاج النفط والغاز.
ودعا علي عيسى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين إلى تدخل سياسي عاجل لحل الأزمة، وقال إن المغرب وجهة تصديرية رئيسية لمصر، وخاصة في القطاع الزراعي، وأن استمرار تعليق الصادرات قد يؤثر بشدة على المصدرين المصريين.
وأشار عيسى إلى أن الصادرات الزراعية أكثر عرضة للتأخير من المنتجات الصناعية، فالسلع القابلة للتلف مثل الفراولة قد تفسد بسرعة، في حين أن البصل والبطاطس تتمتع بفترة صلاحية أطول ولكنها لا تزال معرضة لخسائر مالية كبيرة إذا لم يتم حل الوضع قريبًا.
خيارات بديلة
وفي مواجهة حالة عدم اليقين، تدرس الشركات المصرية خيارات بديلة. ومن بين هذه الخيارات إعادة الشحنات إلى مصر، رغم أن هذا من شأنه أن يترتب عليه خسائر مالية كبيرة. ومن الخيارات الأخرى إعادة توجيه البضائع إلى أسواق بديلة، مثل إسبانيا، لتقليل تأثير تعليق المغرب.
من المنتظر أن تكتسب العلاقات المصرية الإسبانية زخما كبيرا في مختلف القطاعات، لا سيما في المجالين الاقتصادي والسياسي، بعد زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى إسبانيا الأسبوع الماضي.
أبدى عمرو أبو فريخة عضو مجلس إدارة المجلس التصديري للصناعات الهندسية، قلقه إزاء الإجراءات التي اتخذتها السلطات المغربية مؤخرا تجاه الصادرات المصرية، رغم التزام مصر بتعزيز التجارة الثنائية وفقا للاتفاقيات القائمة.
وأضاف أن المصدرين المصريين يراقبون الوضع عن كثب، حيث يخيم الغموض على موقف المغرب ويثير التكهنات، مشيرا إلى أن المنافسة تظل العامل الأساسي في أي سوق، حيث تتنافس المنتجات المغربية في كثير من الأحيان مع الواردات المصرية المماثلة والعكس صحيح.