تقارير

تراجع النفوذ الإيراني: انهيار الردع العسكري يكرس مأزق نظام الملالي

شهد عام 2024 تراجعًا كبيرًا في النفوذ الإيراني، حيث كشفت الهجمات الإسرائيلية عن هشاشة استراتيجية الردع العسكري التي اعتمدتها طهران. كانت إيران تعتمد على ترسانتها من الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والطائرات المسيرة لفرض هيبتها في المنطقة.

لكن هجوم “الوعد الحق” على إسرائيل، الذي لم يُسفر إلا عن أضرار طفيفة، أظهر محدودية هذه الأسلحة أمام الدفاعات الإسرائيلية المتطورة.

فيما أظهرت إسرائيل تفوقًا عسكريًا واستخباراتيًا لافتًا، حيث استهدفت قادة بارزين مثل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس  في طهران والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في لبنان، بالإضافة إلى ثلاثة جنرالات من الحرس الثوري.

الضربة الإيرانية لإسرائيل

هذه العمليات  الاستخباراتية الدقيقة كشفت عن ثغرات أمنية خطيرة في الدفاعات الإيرانية، مما أضعف ثقة النظام في قدراته.

كما أن العقوبات الأمريكية المستمرة منذ عقود  زادت من الضغط علي نظام الملالي الإيراني ، حيث تسببت في تدهور الاقتصاد الإيراني، مما قلل من قدرة طهران على تمويل تطوير أسلحتها أو دعم حلفائها الإقليميين في كثير من الدول علي رأسها الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين .

حيث فشل هذه الأسلحة في تحقيق تأثير استراتيجي جعل إيران في موقف دفاعي غير مسبوق، حيث أصبحت أقل قدرة على مواجهة خصومهافي المطقة خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل .

الخسائر الإقليمية

لم تقتصر التحديات على الجبهة العسكرية، بل امتدت إلى شبكة الحلفاء الإقليميين. كان حزب الله في لبنان ركيزة أساسية لإيران طوال العقود الأربعة الماضية ، لكن الهجمات الإسرائيلية دمرت جزءًا كبيرًا من ترسانته الصاروخية.

في سوريا، أدى سقوط نظام بشار الأسد أكبر حليف إقليمي لنظام الملالي  إلى قطع خطوط إمداد الأسلحة إلى حزب الله، مما جعل إيران تفقد قاعدة استراتيجية.

وتكرر الأمر فيما يتعلق بالحوثيين في اليمن  حيث يواجهون ضغوطًا متزايدة من التحالف العربي، مما قلل من قدرتهم على تهديد الملاحة البحرية. هذه الخسائر جعلت إيران أكثر عزلة، حيث أصبحت أدواتها للتأثير على المنطقة أقل فعالية من أي وقت مضى.

كما تواجه إيران تهديدات متصاعدة من الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين تدفعان نحو فرض عقوبات أشد أو عمل عسكري. هذا الوضع يضع النظام الإيراني أمام خيارين صعبين

الخيار الأول يتمثل في  إما المخاطرة بتطوير برنامج نووي تحت التهديدات، أو قبول التفاوض والتنازل عن طموحاتها النووية كخيار ثان  لتخفيف الضغط.

من المهم التأكيد أن السعي لامتلاك سلاح نووي قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة، خاصة مع تصريحات دونالد ترامب المتشددة، بينما قد يُنظر إلى التفاوض كاستسلام يُضعف النظام داخليًا.

ولا يمكننا في هذا السياق تجاهل أن عام 2024،قد شهد تآكل النفوذ الإيراني بسبب فشل قدراتها العسكرية وخسائر حلفائها الإقليميين.

إذ أن تفوق إسرائيل الاستخباراتي والعسكري، إلى جانب الضغوط الأمريكية، جعل طهران في مأزق استراتيجي. أمام إيران خيارات محدودة: التصعيد النووي المحفوف بالمخاطر، أو التفاوض الذي قد يُضعف شرعيتها.

ومن ثم فإن استعادة النفوذ تتطلب تغييرًا جذريًا في الاستراتيجية، لكن مع استمرار الضغوط الإقليمية والدولية، تبدو هذه المهمة شاقة للغاية في الوقت الحالي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى