تفاصيل أول مشروع قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين في مصر
الأمة| مصر على وشك إقرار أول قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين، وهو ما يمثل تتويجا لخمسة عقود من الجهود الرامية إلى معالجة المطالب القديمة بإطار قانوني متماسك للأسر المسيحية.
تم الانتهاء من هذا القانون بعد أشهر من المفاوضات المكثفة بين وزارة العدل وممثلي الطوائف المسيحية الخمس المعترف بها رسمياً في مصر: الأرثوذكسية، والبروتستانتية، والكاثوليكية، والرومانية الأرثوذكسية، والسريانية الأرثوذكسية.
وتم التوقيع أخيرا على مشروع القانون من قبل الطرفين الأسبوع الماضي.
ويصف خبراء قانونيون القانون بأنه “قفزة تاريخية”. فهو يعالج النزاعات القديمة المتعلقة بقضايا المسيحيين، مثل إبطال الزواج، والطلاق، والميراث.
ويحمل هذا القانون إمكانات تحويلية للسكان المسيحيين في مصر. فوفقا لتصريحات البابا تواضروس الثاني في عام 2023، كان المسيحيون يشكلون 15% من سكان البلاد البالغ عددهم 105 ملايين نسمة في ذلك الوقت.
وستكون الخطوة التالية هي عرض مشروع القانون على مجلس النواب، حيث ستقوم لجنة خاصة بدراسته وإجراء التعديلات اللازمة عليه.
وبمجرد الانتهاء من هذه المراجعة، سيتم طرح القانون للتصويت في الهيئة التشريعية.
إذا تم إقرار هذا القانون، فسوف يصبح أول إطار قانوني شامل في مصر لقضايا الأحوال الشخصية للمسيحيين.
وقال منصف نجيب سليمان، مستشار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وعضو مجلس النواب، في تصريحات تلفزيونية، إن الضغط من أجل إقرار قانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحيين مستمر منذ عام 1977 عندما قدم مشروع القانون لأول مرة إلى الحكومة المصرية.
وعلى الرغم من الدعم الواسع النطاق الذي يحظى به مشروع القانون من جانب المجتمع المسيحي، إلا أنه لم يتمكن قط من تجاوز العقبات البيروقراطية.
وقد خضع القانون لمراجعات متعددة على مر السنين. وفي عام 1988، قُدِّم مشروع جديد، وافقت عليه أيضًا جميع الطوائف المسيحية الرئيسية، لكنه تعثر أيضًا في وقت لاحق.
وقد أدت الاضطرابات السياسية التي أعقبت الثورة المصرية في عام 2011 إلى تأخير إقرار القانون.
وفي وقت لاحق، تجددت الجهود الرامية إلى استكمال القانون من خلال اعتماد الدستور المصري لعام 2014، الذي اعترف صراحة بالحاجة إلى تشريع يحكم قضايا الأحوال الشخصية للمسيحيين.
ومنذ ذلك الحين، عقدت وزارة العدل اجتماعات عديدة مع ممثلي الطوائف المسيحية للوصول إلى اتفاق حول مشروع القانون.
يخضع المسيحيون في مصر حاليًا لقانون الأحوال الشخصية العام، والذي يستند، كما هو موضح في الدستور، إلى الشريعة الإسلامية.
وعلى الرغم من الاختلافات الدينية، فإن قانون الأحوال الشخصية العام القائم يحكم مختلف المسائل الشخصية لجميع المواطنين، بما في ذلك غير المسلمين.
وقد ظل هذا النظام معمولاً به منذ سنوات، حيث لا توجد في مصر قوانين منفصلة للأحوال الشخصية للمسيحيين أو للأقليات الدينية الأخرى.
طلاق المسيحيين
ويتضمن مشروع القانون عدة أحكام هامة تعالج المبادئ الدينية والاحتياجات القانونية الحديثة، بما في ذلك توسيع أسباب إبطال الزواج.
في السابق، كان الطلاق في المجتمع المسيحي يقتصر على ظروف محددة للغاية، في المقام الأول الخيانة الزوجية أو تحول أحد الزوجين إلى دين أو طائفة مختلفة.
في مثل هذه الحالات، يجب أن يتم الطلاق في المحكمة، ويقتصر دور الكنيسة على منح الإذن بالزواج الثاني للطرف المتضرر.
وفي القانون الجديد قررت الكنائس منع الطلاق بسبب تغيير الطائفة، بحسب سليمان، وهذا يعني أن الطلاق سيكون محكوما بقوانين الطائفة التي وقع الزواج تحتها.
علاوة على ذلك، يتضمن القانون الجديد تدابير تمنع التلاعب بالنظام القانوني، مثل تقييد ممارسة تغيير الدين للحصول على الطلاق، وهو ما استغله بعض الأفراد الساعين إلى ثغرة قانونية.
ومع ذلك، يسمح القانون الجديد بالطلاق في حالات أخرى، مثل الخداع بشأن مرض مزمن (بما في ذلك العقم) أو الانفصال الذي يستمر لمدة ثلاث سنوات أو أكثر.
الميراث عند المسيحيين
ومن بين التغييرات الرئيسية الأخرى إدخال المساواة بين الجنسين في قوانين الميراث، والتي كانت نقطة رئيسية للنقاش الساخن بين المسيحيين في السنوات الماضية.
وبحسب سليمان فإن القانون الجديد يعطي الرجل والمرأة حقوقا متساوية في ميراث الممتلكات أو الأموال من والديهما، وهو ما يعكس التعاليم المسيحية للمساواة.
وأشار سليمان إلى أن القانون الجديد لن يعترف بالزواج المدني والتبني وفقا للشريعة الإسلامية.
ومع ذلك، أوضح أن القانون الجديد يشترك في 80 مادة مع قانون الأحوال الشخصية للمسلمين، حيث يتناول قضايا مثل حضانة الأطفال والنفقة.