أشعلت زيارة رئيس هيئة الرقابة الإدارية الليبية، عبدالله قادربوه، إلى مستشفى طرابلس المركزي، موجة من الجدل والاستياء بعد أن وثّقت مقاطع مرئية انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي ما اعتبره أطباء ومهنيون “تشهيراً وإساءة” للعاملين في القطاع الصحي.
المقاطع التي تجاوزت مدتها ثماني دقائق، أظهرت قادربوه وهو يتحدث بلهجة حادة مع مدير المستشفى وعدد من الأطباء حول مظاهر الإهمال داخل المرفق الصحي الأكبر في العاصمة، وهو ما أثار ردود فعل متباينة بين من يرى أن الرجل مارس دوره الرقابي، ومن يعتبر أن الطريقة كانت “مهينة وغير لائقة”.
احتجاج الأطباء وبيان وزارة الصحة
في أعقاب الواقعة، نظّم موظفون وأطباء في المستشفى وقفة احتجاجية الخميس، استنكروا خلالها ما وصفوه بـ”غياب الاحترام لخصوصية المرضى وضوابط سلامة النزلاء في العناية المركزة”. ورحب المحتجون بضرورة معالجة الأوضاع المتردية في المستشفيات العامة، لكنهم رفضوا الأسلوب الذي اتبعه رئيس هيئة الرقابة.
وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة انحازت بدورها إلى جانب الأطباء، معبّرة عن استيائها من الطريقة التي جرت بها الزيارة، مؤكدة أن “التشهير أو الإساءة للعناصر الطبية والإدارية مرفوضة بموجب جميع القوانين”.
إدارات طبية تطالب برد الاعتبار
إدارات وكوادر طبية وفنية في مستشفيات أخرى أبدت استياءها الشديد مما وصفته بـ”السلوك المهين”، مشيرة إلى أن النقائص التي ظهرت في المستشفى – من نقص الإمكانيات وسوء تخزين المعدات – لا تعود إلى إهمال إداري بقدر ما هي نتيجة لتأخر الاستجابة من الجهات المعنية رغم المراسلات الرسمية المتكررة.
كما دعا الأطباء إلى حذف المقطع المتداول ورد الاعتبار الرسمي لمدير المستشفى والعاملين فيه.
تدخل البرلمان وقرارات عاجلة
تطور الجدل ليصل إلى قبة البرلمان، حيث دعا رئيس لجنة الصحة والبيئة بمجلس النواب، نصر الدين مهني، إلى تشكيل لجنة برلمانية لمتابعة ملابسات الحادثة.
في المقابل، أصدرت هيئة الرقابة الإدارية قرارًا عاجلًا بإيقاف ثمانية مسؤولين في إدارة المستشفى احتياطياً، بينهم مدير المستشفى، بدعوى وجود مخالفات إدارية ومالية أثرت على مستوى الخدمات الصحية المقدمة.
قطاع الصحة بين الرقابة والاتهامات بالفساد
الجدل الأخير أعاد تسليط الضوء على معضلات القطاع الصحي الليبي الذي يعاني منذ سنوات من اتهامات بالفساد وسوء الإدارة، سواء في ملف تعاقدات استيراد الأدوية أو العلاج بالخارج.
وكان القضاء الليبي قد أصدر في مايو الماضي قرارًا بحبس وزير الصحة السابق رمضان أبو جناح وعدد من كبار المسؤولين، على خلفية شبهات فساد تتعلق باستيراد أدوية الأورام من العراق. كما كشف تقرير ديوان المحاسبة العام الماضي عن تجاوزات مالية شملت غياب مستندات داعمة لعمليات الصرف وضعف الشفافية في التعاقدات مع شركات الخدمات الطبية.