حشاني زغيدي يكتب: بشائر الفرج
رغم عتمة الليل وظلمته فإن النهار يرسل تباشيره ملوحا بصبح تشرق فيه الأنوار على العوالم، يتنفس القدر مفرجا أبوابا كانت مغلقة، يكشف مواجع كانت تعكر حياة المظلومين.
وَرغم ذبول النبات وورق الشجر في الخريف فإن بسمة الرّبيع تفتح أكمام الأزهار، فتخرج منه براعم الأغصان تشرع أبواب حياة الهناء للطبيعة، فتبسم الدنيا فرحا وطربا.
ورَغم ضنك الحياة وصعوبة العيش في عالم الأشباح المتوحش الذي يقوده وحيد قرن شغله خنق أنفاس البرايا، فإن إرادة الحياة أقوى، تثبت وجودها، تصارع في تحد لتستمر الحياة.
ورغْم كبرياء الظلم وجبروت المستكبرين في الأرض، من يتوعدون إحراق الأرض وقطع الضرع، يستكبرون بلا حياء، أن السماء والماء بأيديهم، والماء والهواء تحكمها أقدار السماء.
تعلمنا الحياة أن قانونها متجدد، يحتوي ألوان قوس قزح، لا غلبة فيه للون على لون، فمن امتزاجها تشكل الألوان، قانون عادل، أقوى بنوده أن البقاء للأصلح.
ورغم الموازين المضطربة التي تحاول عبثا سرقة نضارة الحياة وجمالها، تسرق حياة الفضيلة تسرق حياة البراءة من الطفولة المسالمة، فإن بصيص الأمل يخرج من تحت الأكداس وبقايا البيوت المهدمة، يلوح بالفرج القريب.
رغم كل هذه النقاط المتوترة القلقة في عالم وحيد القرن الذي يهوى نشر الفوضى الخلاقة، يظل يحاول فرض سيادته وهيمنته على الضعفاء والمقهورين لكن ديدن عالم الأحرار يرفض هيمنته وكبرياءه، يرفض الأغلال والقيود التي يفرجها على عالم العبيد.
حقائق مؤكدة أن الشدائد لا تدوم، وأن المحن مهما طالت فسوف يعقبها المنح، ويظل الصبر مفتاح الفرج، وأن أبواب السماء تظل مفتوحة لا تغلق، وتبقى أيام الظلم معدودة، ورغم كل شيء يبقى الله وحده ناصر المظلومين.
وختم الخاطرة مسك رحم الله العلامة الورع ابن النحوي القيرواني، صاحب قصيدة المنفرجة في بدايات القرن الخامس الهجري، التي جاء في مطلعها
«اشتدي أزمة تنفرجي… قد آذن ليلك بالبلج».