حشاني زغيدي يكتب: بناء جسور التواصل الاجتماعي
ترتبط حياتنا الاجتماعية بروابط ‘إنسانية وأواصر متراصة، علاقات حيوية، بعضها علاقات رحم وأخرى علاقات نسب، علاقات جيرة، علاقات موصولة، تنبني تلك الروابط على استمرار التواصل الايجابي الذي تقتضيه سنن الحياة ومستلزماتها، الله حدد تلك العلاقة في قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: 13]
فأساس تلك العلاقة الاجتماعية التعارف، أساس تلك العلاقة التعاون، أساس تلك العلاقة العيش في سلام وسلم اجتماعي، تبنى تلك العلاقات الاجتماعية على التوافق ورص الصفوف لا الخصام والشحناء، علاقات تصونها الأخلاق الفاضلة و المنافسة في الخير، تقوم تلك العلاقة على الوفاء لصون العشرة وحمايتها، حتى لا تهزها سحابات الصيف العابرة، فالمسلم يرعى حق الجوار، يرعى حق الصحبة، يرعى حق صلة الرحم، يصون المودات، ويحفظ الود، يعرف الفضل وأهله، تلك كلها من جماليات خلق الوفاء التي تجعل من كل فرد من المجتمع يعمل لحفظ البنيان من التصدع، تجعل من كل فرد من المجتمع صمام أمان لدوام العشرة الطيبة بين فصائل المجتمع الواحد.
العقلاء في المجتمع ينتبهون يفطنون، يحسنون إدارة المنافسات والتباري، فالعقلاء متيقنون أن كل منافسة ستنتهي حتما، سينتهي سباقها حتما، وسينتهي سجالها، ولكن الذي تبقيه إما أن تترك لنا أفراحا نذوق طعمها، أفراحا تسعد الجميع، أو تترك لنا جروحا وآلاما غائرة لا يداويها السنين والمدد، كل تلك الجروح ساهم فيها الحمقى بجهل أو بمكر، ستنتهي تلك المنافسات ولكن السعداء من يفرحون لدوام المجاملات بين النسيج المجتمعي، فالعقلاء في المجتمع لا يسعدهم أن تنهي المنافسات وأوصال المجتمع مقطوعة، لا يسرهم أن تقطع أواصر الأرحام والأصهار.
وخلاصة القول أوجزها في كلمات مفتاحية نافعة اقتطفتها من رصيد تربوي عشته في مراحل عمري، فقد كنت يومها أشارك حملات التنشيط، فكنت أحرص دائما على تحقيق المقاصد الكبرى في إدارة المنافسات أجمل بعضها في:
أن نضع نصب أعيننا أن سجال السباق ينتهي. فما قيمة أن نترك حزازيات وأحفاد وضغائن بين الأحباب.
سينهي السجال ويبقى آثاره المعروفة حسن المعاملة والذوقيات الراقية، والخاسر الكبير من ضيّع تلك الوشائج بحماقات غير محسوبة.
وأن الكيس فيها من انتبه ولم تضيع منه فرصة إبراز القدوة الحسنة في إظهار جماليات المنافسة التي ندعو لها بالحسنى لا بالفضح والتشهير ولو مع من يخالفني الرأي والقناعة، فالمنافسة عند أصحاب المبادئ بيان نضارة القيم في المشروع الذي نريد إيصاله للجمهور.
فما أحوجنا ونحن تنافس أن بعث الأمل في النفوس، بإظهار الألفة والمحبة ونحن ندافع عن مشروعنا، فالأمة تنتظر من يحمي الثغور ويسدّ الثلم، لا من يزيد الأزمة عمقا وشرخا، فمشروع بناء نهضة الأمة يبنى بجهود جميع المخلصين.